إيران.. دولة الفستق والنفط والثورة.. كل ما تريد معرفته عن الجمهورية الإسلامية

عمان1:عند الحديث عن إيران فإننا لا نتناول مجرد دولة تقع في غرب آسيا، بل نخوض في غمار حضارة عمرها آلاف السنين، وجغرافيا متقلبة، وتاريخ سياسي مضطرب نسجته ثورات، وحروب، وتحولات مذهلة. إنها "أرض الآريين"، الدولة التي تعاقبت عليها إمبراطوريات، واصطدمت بها مصالح قوى كبرى، وتحولت من مملكة شاهنشاهية إلى جمهورية دينية ذات نفوذ إقليمي بارز. 
هذا التقرير، يرسم أبرز ملامح إيران: من الجغرافيا إلى النظام السياسي إلى التاريخ، ومن مواردها الاقتصادية إلى أبرز معالمها الثقافية.

إيران.. الهوية الرسمية
الاسم الرسمي: الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

الاسم المختصر: إيران.

العاصمة: طهران.

اللغة الرسمية: الفارسية، وتستخدم لغات محلية أخرى مثل الكردية، والأذرية، والعربية.

العملة: الريال الإيراني.

تاريخ إعلان الجمهورية: 1 نيسان 1979.

الموقع الجغرافي
تقع إيران بين خطي عرض 24 و40 شمالا، وخطي طول 44 و64 شرقا، وتحدها من الشمال أذربيجان وأرمينيا وتركيا وبحر قزوين، ومن الغرب العراق، ومن الشرق أفغانستان وباكستان، وتطل من الجنوب على الخليج العربي وخليج عُمان. 

تمتلك موقعا جغرافيا استراتيجيا يربط آسيا الوسطى بالخليج، وتطل على مضيق هرمز، الممر الحيوي لصادرات النفط العالمية.

المساحة والبيئة الطبيعية
مساحتها 1.648.195 كيلومترا مربعا.

ثاني أكبر دولة في الشرق الأوسط بعد السعودية.

تضاريسها متنوعة، من سلاسل جبال زاغروس والبرز، إلى صحاري دشت كوير ودشت لوت، وسواحل بحر قزوين والخليج.

تغطي الجبال والهضاب معظم أراضيها، مع غابات مطيرة في الشمال.

المناخ
يتنوع مناخ إيران بين القاحل وشبه المداري، مع درجات حرارة منخفضة في الشمال (خاصة سواحل بحر قزوين) ودرجات حرارة مرتفعة في الجنوب. 

معدل الأمطار السنوي في بعض المناطق يبلغ 680 ملم، بينما تعاني أخرى من جفاف شديد.

السكان والتنوع العرقي
عدد السكان (2020): نحو 84 مليون نسمة.

التوزيع العرقي:

الفرس: 61%

الأذريون: 16%

الأكراد: 10%

اللور: 6%

العرب: 2%

البلوش: 2%

آخرون (تركمان، آشوريون، أرمن، جورجيون)

الدين واللغة
%89 من السكان شيعة اثنا عشرية.

%9 من السنّة.

أقليات من البهائيين، والمسيحيين، والزرادشتيين، واليهود.

الفارسية هي اللغة الرسمية، وهناك أكثر من 100 لغة ولهجة منتشرة في مختلف الأقاليم.

النظام السياسي في إيران 
المرشد الأعلى: أعلى سلطة في البلاد، يقود الجيش والاستخبارات، ويشرف على السياسات الكبرى.

رئيس الجمهورية: منتخب شعبيا، يدير الحكومة ويقود مجلس الوزراء.

مجلس خبراء القيادة: ينتخب المرشد الأعلى.

مجلس صيانة الدستور: يقر أهلية المرشحين.

النظام يجمع بين الجمهورية والمؤسسة الدينية الشيعية، ويجري انتخابات رئاسية كل 4 سنوات.

التقسيمات الإدارية
إيران مقسمة إلى 31 محافظة.

تنقسم المحافظات إلى مقاطعات، ثم نواح، ثم أقسام ريفية.

في 2014 أعلنت 5 مناطق مركزية: طهران، أصفهان، أذربيجان الشرقية، كرمنشاه، خراسان رضوي.

يعود أصل هذا التقسيم إلى ما قبل 100 عام خلال الحقبة القاجارية.

إيران.. تاريخ من السلالات والثورات والحروب 
تبدأ قصة الدولة الحديثة في إيران مع وصول الشاه عباس الأول إلى الحكم عام 1587، في ظل السلالة الصفوية التي اعتمدت المذهب الشيعي الاثني عشري مذهبا رسميا للدولة، ما غير وجه المنطقة إلى الأبد.
وفي أواخر القرن الثامن عشر، ظهر آغا محمد خان القاجاري، الذي أسس حكمه عام 1783، ليشكل بداية لسلالة جديدة هيمنت على البلاد خلال القرن التاسع عشر، وسط ضغوط متزايدة من القوى الإمبريالية الصاعدة. 
ما بين 1864 وأوائل القرن العشرين، خضعت إيران لتغيرات ديموغرافية نتيجة الحروب في القوقاز، حيث هجر المسلمون والشركس من الأراضي التي احتلتها روسيا، ولجأ كثير منهم إلى الأراضي الإيرانية، ليشكلوا لاحقا ما عرف بـ"لواء القوزاق الفارسي". 
في عهد فتح علي شاه القاجاري، تزايد الانفتاح الدبلوماسي على أوروبا، وتعمق الصراع الروسي-البريطاني على النفوذ في إيران. أما حفيده محمد شاه، الذي اعتلى العرش عام 1834، فوقع تحت التأثير الروسي المباشر، بينما شهدت فترة حكم ناصر الدين شاه (1848-1896) أكبر استقرار نسبي، لكنه شهد أيضا المجاعة الفارسية الكبرى (1870-1872)، والتي راح ضحيتها نحو مليوني شخص بسبب الجوع والأوبئة، رغم بعض مظاهر التحديث مثل تأسيس أول مستشفى حديث.

الثورة الدستورية وسقوط القاجار: شروق التحديث وغروب السلالة
مع اكتشاف النفط في إيران عام 1908، زاد اهتمام البريطانيين بها. وخلال الحرب العالمية الأولى، تحولت إيران إلى ساحة مفتوحة للاحتلال البريطاني والعثماني والروسي.

بعد الثورة الروسية عام 1917، حاولت بريطانيا تحويل إيران إلى محمية وفق اتفاقية عام 1919، لكنها فشلت. هذا الفراغ السياسي والانقسام الداخلي أدى إلى صعود رضا خان، قائد لواء القوزاق، الذي أطاح بسلالة القاجار، ليؤسس في عام 1925 الدولة البهلوية ويعتلي العرش بلقب رضا شاه.

رضا شاه: بناء الدولة بالقوة الحديدية
قاد رضا شاه عملية تحديث شاملة شملت إعادة هيكلة الجيش، والبيروقراطية، والاقتصاد، والتعليم، والقضاء، وأدخل مظاهر الحياة الغربية مثل القطارات، والحافلات، والراديو، والسينما، والمدارس الحديثة.

غير أن إصلاحاته، رغم سرعتها، افتقرت إلى العمق، وأثارت نقمة واسعة، خاصة من المؤسسة الدينية والشرائح الريفية. وبلغت هذه المعارضة ذروتها عام 1935 في انتفاضة مشهد قرب ضريح الإمام علي الرضا، حيث قتل العشرات.
في الوقت نفسه، رسخ رضا شاه الحكم المركزي، واعتمد سياسات قومية صارمة؛ فقمع الحريات، ونكل بالمعارضين، مما جعل حكمه محل نقد حاد من قبل المؤرخين بوصفه "عصر القهر والتحديث القسري".

الحرب العالمية الثانية: احتلال ووراثة الحكم
في عام 1941، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، اجتاحت القوات البريطانية والسوفياتية إيران، متذرعة بمخاوف من تقارب الشاه مع ألمانيا النازية. وأُجبر رضا شاه على التنازل عن العرش لابنه محمد رضا بهلوي.
وفي مؤتمر طهران عام 1943، اتفقت القوى الحليفة على احترام سيادة إيران بعد الحرب، لكن السوفييت رفضوا الانسحاب من الشمال الغربي الإيراني، بل دعموا حركات انفصالية في أذربيجان وكردستان، شكلت جمهوريتين انفصاليتين لفترة قصيرة أواخر عام 1945.

تحالفات غربية وإصلاحات شكلية: ثورة بيضاء على الورق
بعد انسحاب السوفييت، بدأت إيران تميل أكثر إلى الغرب. عام 1957، ألغيت الأحكام العرفية، وانضمت إيران إلى حلف بغداد، وتلقت مساعدات عسكرية واقتصادية ضخمة من الولايات المتحدة.

وفي مطلع الستينيات، أطلق الشاه برنامجه المسمى بـ"الثورة البيضاء"، وهي حزمة من الإصلاحات الزراعية والتعليمية والإدارية، لكنها افتقرت إلى التوزيع العادل وعمقت الفجوة بين الريف والحضر، كما همشت رجال الدين، ما أجّج نقمتهم.
وفي حزيران 1963، ألقى رجل الدين الشاب روح الله الخميني خطابا حادا ضد الشاه، فاعتقل، ما أشعل انتفاضة شعبية واسعة، عرفت بـ"انتفاضة 15 خرداد"، شكلت منعطفا في العلاقة بين الدولة والمرجعية الدينية.

سبعينيات مشتعلة: قمع وسجون وصعود المعارضة المسلحة
شهدت السبعينيات تصاعد الحراك المناهض للشاه، مع ظهور منظمات يسارية وإسلامية مثل منظمة مجاهدي خلق، التي شنت هجمات ضد النظام ورموزه الغربية. وقدر عدد القتلى من المعارضين في تلك الفترة بنحو 100 سجين سياسي، بينما تعرض آلاف آخرون للتعذيب على يد السافاك "جهاز الاستخبارات الداخلي".

الثورة الإسلامية: لحظة التحول الجذري
بدأت شرارة الثورة الإيرانية في كانون الثاني 1978، مع خروج مظاهرات في مدن عدة، واستمرت حتى مغادرة الشاه البلاد في كانون الثاني 1979، وعودة الخميني من منفاه في 1 شباط 1979، ليصبح لاحقا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية.

وفي نيسان 1979، أجري استفتاء شعبي صوت فيه الإيرانيون بأغلبية ساحقة لتحويل البلاد إلى "جمهورية إسلامية"، تحكم من خلال ولاية الفقيه، بموجب دستور جديد وضع عام 1979.

أزمة السفارة الأمريكية: قطع مع الغرب وبداية العزلة
في تشرين الثاني 1979، ومع استقبال الولايات المتحدة للشاه للعلاج، اقتحم طلاب إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 رهينة لمدة 444 يوما، في أزمة هزت صورة الولايات المتحدة وأثارت غضبها. فشلت عملية إنقاذ أمريكية عرفت بـ"مخلب العقاب"، وأصبح وصف أمريكا بـ"الشيطان الأكبر" جزءا من خطاب الثورة.

حرب السنوات الثماني العراقية الإيرانية 
في 22 أيلول 1980، شنت قوات الرئيس العراقي صدام حسين هجوما عسكريا واسعا على إيران، مستهدفة محافظة خوزستان الغنية بالنفط، وذات الغالبية العربية، للرد على الاستفزازات الإيرانية ومحاولة تصدير الثورة الإسلامية إلى دول الجوار، لا سيما العراق.
جاءت الحرب في سياق إقليمي مضطرب، بعد عام واحد فقط من سقوط نظام الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة الخميني، الذي لم يخف طموحه بنقل نموذج "ولاية الفقيه" إلى العالم الإسلامي، بما في ذلك العراق ذي الغالبية الشيعية.

حقق الجيش العراقي في بدايات الحرب تقدما سريعا، واستولى على أجزاء من الأراضي الإيرانية، إلا أن إيران تمكنت من استعادة زمام المبادرة بحلول عام 1982، لتدخل الحرب مرحلة استنزاف دامية استمرت ثماني سنوات، شهدت خلالها الجبهات عمليات كر وفر، واستخداما مكثفا للأسلحة الكيميائية من قبل القوات العراقية، كما توثق معظم التقارير الأممية.

الحرب، التي قُدر ضحاياها بنحو مليون قتيل وجريح من الجانبين، حولت الخليج إلى ساحة صراع مفتوح، وأسهمت في استنزاف اقتصادي وسياسي وعسكري هائل للطرفين، وسط صمت دولي في كثير من المحطات، وتورط ضمني لقوى كبرى بتغذية النزاع أو تأجيجه.
وفي صيف 1988، قبل المرشد الإيراني الخميني قرار مجلس الأمن رقم 598 الداعي لوقف إطلاق النار، وهو القرار الذي قال لاحقا إنه قبله "كتجرع كأس السم"، معلنا نهاية حرب كانت من بين الأكثر دموية وطولا في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.

المعالم التاريخية والثقافية
تضم إيران العديد من المواقع التاريخية والآثار التي تعكس عمق حضارتها، مثل: 

ميدان نقش جهان في أصفهان.

قصر كلستان في طهران.

برج كنبد كاووس الذي يشتهر بتصميمه المعماري الفريد.

 وتدرج هذه المعالم ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، مما يعكس أهميتها الثقافية.

الاقتصاد والموارد
رابع أكبر احتياطي نفطي في العالم.

ثاني أكبر احتياطي غاز عالمي.

تعتمد بشدة على صادرات النفط والبتروكيماويات.

تأثرت صناعتها بالعقوبات الدولية.

من كبار المصدرين للفستق، الكافيار، الحديد الصلب، السيارات.

تملك صناعة سيارات متقدمة قبل العقوبات.

موقعها المطل على مضيق هرمز يمنحها نفوذا استراتيجيا في سوق الطاقة العالمية

أهم الصادرات
النفط ومشتقاته.

البتروكيماويات (ميثانول، بولي إيثيلين).

الحديد والصلب.

السيارات.

الفستق والمكسرات.

الشاي والتبغ والحبوب الزراعية.

زر الذهاب إلى الأعلى