الصبيحي يكتب : الرأي أزمة حكومة أم أزمة صحيفة ؟
عمان1:كتب المحامي محمد الصبيحي
صحيفة الرأي أم الاعلام الاردني ومدرسة الخبرات الصحفية وحين يصل الامر الى حجب أخبار الحكومة والى التهديد بوقف أصدار الصحيفة بمواجهة تعنت مجلس الادارة أو الحكومة التي تقف خلف مجلس الادارة عن الاستجابة للمطالب العادلة للعاملين فان ذلك يعني أن أزمة الحكومة مع مؤسسات المجتمع المدني ومع المواطنين بلغت دروتها ووصلت الى طريق مسدود لا سبيل لفتحه الا بتحرك النواب لحجب الثقة عن هذه الحكومة .
واذا كان هناك من يعتقد أن ( الرأي ) ملك للضمان الاجتماعي أو لعموم المساهمين فهو مخطىء لأن الرأي كهرم أعلامي كبير ملك للشعب كله وللعاملين فيها الذين تقوم على أكتافهم وبدونهم فان سهمها لا يساوي أكثر من ثمن المباني والمعدات , واذا كان هناك من يريد خنق ( الرأي ) وأيصالها الىحالة عجز مالي وشلل مهني لأطماع تجارية بالاستحواذ عليها فهو مخطىء أيضا لأن الزملاء وبالاجماع لن يسمحوا أن تكون الرأي يوما لمستثمر يسعى الى الربح والقوة السياسية والاقتصادية ويبدأ في تصفية الكادر من أجل تحقيق أقل كلفة وأعلى ربح بالاضافة الى أنها كانت وستظل صحيفة النظام السياسي والمعبر عن سياساته وتطلعات الشعب الاردني وأمانيه وقضاياه .
القضية المادية في الرأي قضية عادلة فرواتب الغالبية الساحقة من العاملين فيها رواتب متدنية , وزملاؤهم في صحيفة أخرى مملوكة للقطاع الخاص يتقاضون رواتب أعلى من رواتب نظرائهم في الرأي بنسبة تزيد عن 40% وتتجاوز الزيادة في بعض التخصصات مائة بالمائة , غير مجلس الادارة بأغلبيته التابعة لصندوق أستثمار الضمان الاجتماعي ينظر الى الارقام فقط ويجري حساباته على أساس العوائد والارباح التي سيجنيها الصندوق من الرأي وليس على أساس الاستثمار الوطني السياسي الاعلامي والاستثمار المهني في الكفاءات الوطنية التي تحتاج الى مزيد من التطوير في الادوات والمعلومات والوسائل , ولا على أساس الاستثمار الاجتماعي لمئات العائلات التي ينبغي أن تتوفر لها سبل العيش الكريم وهو أمر ملزم للشركة بحكم القانون اذا ما تذكرنا أن قانون المطبوعات والنشر يمنع على الصحفي تلقي المساعدات والهبات والهدايا , وأعراف المهنة وأصولها تتطلب منه الجري وراء الخبر والمعلومة أينما وجدت , وطبيعة المهنة تجعله عرضة لضغوط سياسية وأقتصادية ومعيشية أيضا , ومن هنا وحتى يكون الصحفي صحفيا بكل معاني الكلمة فان ذلك يتطلب أمرين متلازمين :
الاول أن توفر له مؤسسته العيش الكريم , والثاني أن يعمل ويكتب ويستقصي وينشر بحرية حدودها المصلحة الوطنية والحقيقة وعدم التحيز .
في ( الرأي ) فان المتطلب الاول ما زال منقوصا وعلى مجلس الادارة أن يستجيب لمطالب العاملين بهذا الخصوص , أما المطلب الثاني وقد رفع الزملاء به شعارا يطالب برفع هيمنة الحكومة على الرأي فاننا نقول أن الحكومات المتعاقبة قد درجت على أعتبار الرأي صحيفة الحكومة وليس صحيفة الوطن , ودرجت على التحكم بما ينشر فيها من خلال ذراعها في مجلس الادارة , وكان وما يزال الصراع الخفي بين الزملاء الذين يتوقون لعمل صحفي حر مستقل تماما عن الرغبات الحكومية , وبين ضغوط الحكومات التي تسعى الى تلميع واجهتها الشعبية من خلال الرأي متواصلا ولا يشعر به الا من كان داخل المطبخ الصحفي اليومي .
ومن هنا وفي خضم ما يحاول كثيرون تصويره على أنها قضية مطلبية تتعلق براتب شهر لا يجب تناسي أنها أيضا قضة حريات صحفية أيضا . نقلا عن خبرني