عاصفة في بيت العدالة
عاصفة في بيت العدالة
المحامي محمد الصبيحي
هل نريد سلطة قضائية مستقلة قوية أم لا نريد ؟؟
علينا أن نجيب على هذا السؤال بشجاعة بعيدا عن الانشاء والتصريحات والخطب والمجاملات ؟؟ ونحن نتساءل هل بيننا من يخشون أن تكون في الاردن سلطة قضائية لا تلين قناتها ولا تستجيب للضغوطات ولا تخشى أنتقاما من مسؤول أو مشرع ؟؟
نعم هناك من يحبذون ويسعون الى أن تكون السلطة القضائية في وضع يمكن من ممارسة الضغوط عليها عند الحاجة ,, وفي وضع تكون فيه بحاجة مستمرة الى السلطة التنفيذية , وهناك من يرتعدون لمجرد التفكير أن تصبح السلطة القضائية أقوى السلطات وتبسط رقابتها القضائية على كافة مواطني ومؤسسات الدولة بصورة شاملة بعيدة عن الاستثناءات .
وهناك من يحبذون أن تكون السلطة القضائية في موقف بين هذا وذاك عبر التحكم بتشكيل قياداتها , وباللغة السياسية يريدونها سلطة ( مرنة ) وكلُ يفسر المرونة وفق مصلحته أو وفق ما يوحى اليه .
وفي كل الاحوال فان أحدا لا ينكر أن القضاء المستقل الكفؤ صمام أمان الدولة ومستقبل الاجيال , والركيزة الاساسية للتقدم والازدهار والامن . وهذا كلام يقال في كل مناسبة ومنذ سنوات طويلة ورجال القضاء والقانون المتنورين يناضلون نضالا هادئا متواصلا من أجل الوصول الى سلطة قضائية مستقلة قوية وذات كفاءة ,, وتحدث حالات أنفراج أحيانا وأحيانا تراجعات سلبية في ظل غياب خطة أستراتيجية حقيقية مدعومة بالارادة السياسية لأنجاز المهمة .
أمامنا الان حالتان يجب التوقف عندهما مليا . واحدة تخص القضاء والثانية تخص موظفي المحاكم :
أما في الاولى فقد أرسل المجلس القضائي مشروع قانون السلطة القضائية الجديد الى مجلس الوزراء لأقراره وأحالته الى مجلس الامة .. مشروع يفترض فيه أن يكون ثمرة مطالبات ونضالات رجالات القضاء منذ سنوات طويلة , ولكن المشكلة أن السادة القضاة وحتى المحامين ورجال الاعلام عاجزون عن الاطلاع على مسودة هذا المشروع , وكأنه ملف أمني خطير !! وما يرشح من معلومات يؤكد أن المشروع لا يلبي الطوحات ويتبنى أبقاء السلطة القضائية في المنطقة الرمادية بين الاستقلال والتبعية .
القضاة يتساءلون ورجال القانون يريدون أن يدلوا بأرائهم قبل مناقشة مجلس الوزراء لمسودة القانون , ولكن لا أحد يستجيب وهكذا تبدو نذر العاصفة في بيت العدالة
الحالة الثانية وهي أضراب موظفي المحاكم , فبعد أجتماع لمدة أربع ساعات لممثلي الموظفين مع وزير العدل يوم الاثنين الماضي كانت النتيجة لا شيء يتجاوز الوعود بالفتات لنصل الى أمس الاربعاء فنصبح على قوات الدرك تملأ مداخل ومخارج قصر العدل في عمان بكثافة غير مبررة فيما فهمه الموظفون على أنه رسالة ترهيب واضحة فكانت النتيجة أن الفئة التي لم تشارك بالاضراب وهي بحدود عشرين بالمائة من الموظفين سارعت الى الانضام الى الاضراب والتضامن مع زملائهم , يضاف الى ذلك همس بين المحامين يطالب بأضراب تضامني معهم .
ما يحدث نتيجة طبيعية لسياسات التمييز وغياب العدالة بين موظفي الدولة , وما يطالب به موظفو المحاكم هو العدل وعلى الوزارة أن تستجيب لنداء العدالة , فقد آن الاوان للنظر الى مرفق العدالة بصورة شمولية وأستراتيجية كوحدة واحدة وتحت الاضواء لا في ظلمة المكاتب .