قرار ضم الضفة الغربية.. صفعة إسرائيلية أخيرة لحل الدولتين وصمت عربي يثير القلق

عمان1:في خطوة تصعيدية تحمل دلالات سياسية خطيرة، صوت الكنيست الإسرائيلي، أمس الأربعاء، لصالح اقتراح غير ملزم يدعم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة فيما يسمى بقرار ضم الضفة الغربية، في خطوة رمزية تكرس مسار الضم وتجهز على ما تبقى من مسار "حل الدولتين".
وقد فجر قرار ضم الضفة موجة من الإدانات العربية والدولية، على رأسها الأردن، فيما حذر خبراء فلسطينيون من تداعياته على مستقبل الشعب الفلسطيني، وعلى الاستقرار الإقليمي برمته.
إدانة أردنية لقرار ضم الضفة الغربية
أعربت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين عن إدانتها الشديدة لتصويت الكنيست الإسرائيلي على بيان يدعم السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والأغوار الفلسطينية، ووصفته بأنه "انتهاك صارخ للقانون الدولي" وتقويض مباشر لحل الدولتين وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس المحتلة.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، أن "لا سيادة "لإسرائيل" على الأراضي الفلسطينية المحتلة"، مشدداً على أن جميع الإجراءات الأحادية التي تتخذها "إسرائيل" في الضفة "باطلة وغير قانونية".
دعوة أردنية للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته
حذر القضاة من خطورة استمرار السياسات الإسرائيلية الأحادية، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام "إسرائيل" بوقف عدوانها على غزة والتصعيد في الضفة الغربية، مؤكدا أن تحقيق السلام الشامل والعادل يمر عبر تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وتوفير الحماية الدولية له.
تفاصيل اقتراح الضم في الكنيست
بحسب وسائل إعلام عبرية، فإن الاقتراح الذي قدمه نواب عن أحزاب "الصهيونية الدينية" و"القوة اليهودية" و"الليكود"، لا يحمل قوة قانونية ملزمة، لكنه يتمتع بأهمية رمزية وتاريخية كونه يكرس الموقف الإسرائيلي تجاه "يهودية" الأرض الفلسطينية. وقد أتى هذا التصويت قبيل عطلة الكنيست الصيفية، ويستكمل سلسلة قرارات سابقة، منها رفض الكنيست في تموز 2024 قيام دولة فلسطينية.
وتدعم حكومة الاحتلال الإسرائيلية الحالية هذه الرؤية، وعملت على تطبيقها فعليا على الأرض دون أن تعلن ذلك، إذ تفيد المعلومات بأن حكومة الاحتلال صادرت نحو 40 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية منذ مطلع العام الجاري وأكثر من 72 ألف دونم منذ مجيئها، فضلا عن بناء أكثر من 30 ألف وحدة استيطانية جديدة، في ظل تواطؤ سياسي أمريكي وتراجع دولي عن الضغط.
البرغوثي: ثلاثة أبعاد خطيرة لقرار ضم الضفة الغربية
وفي قراءة تحليلية، حذر مصطفى البرغوثي، أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، من أن قرار ضم الضفة يكرس نهجا متواصلا منذ عقود، يهدف إلى:
تمزيق اتفاق أوسلو.
توسيع المشروع الاستيطاني.
ضم شامل للضفة الغربية.
كما أكد البرغوثي أن "إسرائيل" تسير بخطة ممنهجة نحو "التطهير العرقي" وإخراج الفلسطينيين من وطنهم. وقال البرغوثي إن القرار يعزز من فكر "قانون القومية" الذي ينص على أن تقرير المصير في فلسطين "حق لليهود فقط"، إلى جانب قانون 2024 الذي يرفض قيام دولة فلسطينية.
الضم اختبار للعرب والمسلمين.. وصمتهم كارثي
وبين البرغوثي أن "إسرائيل" تستخدم قرار ضم الضفة لاختبار ردود الأفعال الدولية والعربية والإسلامية، بالتوازي مع تصعيد الاقتحامات للمسجد الأقصى وتهويد الحرم الإبراهيمي وقتل الفلسطينيين في غزة بالتجويع والقصف.
وحذر من أن الصمت العربي يفسر في تل أبيب على أنه ضوء أخضر للاستمرار، مشددا على أن "إسرائيل" بدأت توسع مؤامراتها خارج فلسطين، مستهدفة الأمن القومي الأردني والمصري، في محاولة لفرض تهجير جماعي للفلسطينيين إلى الدول المجاورة.
الدعوة لإجراءات عربية وإسلامية عاجلة
دعا البرغوثي إلى تحرك فوري من الدول العربية والإسلامية، للرد على المخططات الإسرائيلية، من خلال خطوات سياسية واقتصادية ملموسة، والضغط على واشنطن، ووقف كافة أشكال التطبيع.
وقال إن استمرار العلاقات الطبيعية مع "إسرائيل"، في ظل عدوانها المتواصل، هو رسالة تشجيع لها على ارتكاب مزيد من الجرائم، وسيعود بالضرر على شعوب المنطقة كلها.
الصمود الفلسطيني مستمر رغم الكارثة الإنسانية
رغم المجازر والتجويع في غزة، أكد البرغوثي أن الفلسطينيين أكثر تمسكا بحقهم في أرضهم، مشيرا إلى أن هناك 80 فريقا طبيا فلسطينيا يعملون حاليا داخل غزة، ويعالجون مئات آلاف المرضى شهريا، في تعبير عن الإصرار على البقاء.
وأوضح أن الفلسطينيين اليوم يفوقون عدد الإسرائيليين داخل أرض فلسطين التاريخية، ما يؤكد أن مشروع الاقتلاع فشل، وأن إرادة الصمود هي السلاح الأقوى في وجه الاحتلال.
السياق الدولي: تجاهل مستمر للقانون الدولي
تؤكد الأمم المتحدة أن جميع أشكال الاستيطان والضم في الأراضي المحتلة غير قانونية، وتقوض إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. لكنها، ومعها القوى الكبرى، تكتفي بالإدانة دون اتخاذ إجراءات رادعة، وهو ما يمنح "إسرائيل" مساحة أوسع للاستمرار في مشروعها الاستعماري.