تفطير الصائمين في الشوارع ..حكاية الأجر

عمان1:بالكاد كان يستطيع أداء الصلاة، وسرعان ما كان يعود الى الملفات المتراكمة على حاسوبه عله يتمكن من انجازها .

ففي اليوم الاول من شهر رمضان أضاع  "ابراهيم " الكثير من الوقت ، واضطر الى أخذ اذن للمغادرة للاجهاد الذي شعر به إثر الصيام .

وفي اليوم الثاني من رمضان لم يشعر بالوقت، وغرق في العمل ، الى أن تفاجا بعقرب الساعة يشير إلى السابعة، اي انه لم يبق على أذان الافطار سوى ثلث ساعة تقريبا .

بدا على عجل يلملم حاجياته ، وغادر المكتب في اقل من خمس دقائق ، وتوقف منتظرا المواصلات ، فهو يعمل في عمان ويسكن في لواء الرصيفة .

لن يتمكن "ابراهيم" من استئجار "تكسي" ، فما في جيبه لا يسمح سوى بركوب  باص "عمان- الزرقاء" ثم حافلة الرصيفة .

شعر ابراهيم بغصة ، لكنه حاول ان يرفع من معنويات نفسه قائلا " ستفرج قريبا "، الجميع مر بما أمر به الان ، والبدايات تكون صعبة غالبا ولن استسلم ، يحدث نفسه .

صعد "الباص" المزدحم ، فلم يكن الوحيد المتاخر في عمله ،وبدا يستمع الى صوت المذياع ، لم يبق سوى 10 دقائقة، وهو يحتاج الى ساعة ليصل منزله ، ولايملك ما يشتري به فطورا ، او حتى "قنينة" ماء وساندويش .

"ستفرج ..ستفرج..ارم حملك على الله يا ابراهيم " ، وبدا يتضور جوعا كلما مرت الدقائق زاحفة نحو اذان المغرب.

اغمض عينيه وبدا يردد ادعيته " اللهم افتح لي ابواب رزقك الحلال ، وارزقني من حيث لا ادري ولا احتسب " وغفت عينه لثانية.

واذ بالحافلة تتوقف عند الاشارة ، ويصعد اليه شباب بسرعة البرق ، ولم يستيقظ "ابراهيم " الا على  "ربطة تفطير الصائم " قرب اشارات طبربور .

فتحها على عجل ، وهو ينظر لهم نظرة امتنان ،" لاحرمنا منكم يا شباب " يردد "ابراهيم "." لا حرمنا منكم يا نشامى "، وراح كل من الحافلة يحييهم ويتمنى لهم الخيرو تثبيت الاجر والقبول والبركة .

امتدت يده الى زجاجة الماء الصغيرة ، مرددا دعاء الصيام "اللهم اني لك صمت ، وعلى رزقك افطرت ، ذهب الظمأ، وابتلت العروق ، وثبت الاجر انشالله " لاول مرة يشعر بيقين اثناء ترديده هذا الدعاء ، ووضع الزجاجة على فمه ، وتناول التمر وعقبه بقطعة كيك وعلبه لبن .

شرد ذهن "ابراهيم " لو يدرك اولئك الشباب كم جبروا كسرا ، وثبتوا يقينا ، واشبعوا بطنا ، واسروا قلبا لما غادروا هذا العمل في حياتهم .!!!

عقبها قرر ابراهيم ، ان ينظم مع شباب الحي واطفاله مبادرة لتفطير الصائمين في الشوارع ، وفعلاً جمعوا التبرعات ، ووزعوا المهام ، وحددوا الاشارات والايام ، وبدؤوا مشروع  الصائم، والبشر والنشاط والسعادة تعلو محياهم ، وتعزو قلوبهم .

زر الذهاب إلى الأعلى