متاهات البحث عن مدرسة خاصة في ظل ارتفاع الأقساط

عمان1:نشرات دعائية لا حصر لها أمامي، منها الملون بإخراج جيد،ما يؤشر الى تكلفته المرتفعة،ومنها البسيط العادي الذي يكشف المستوى المادي للمعلن، تختلف بأشكالها لكنها تجتمع تحت عنوان واحد» اعلانات لمدارس خاصة».
قرأتها بتأن،وابتدأت رحلتي للبحث عن مدرسة أسجل فيها اطفالي وكان يوما طويلا، شاقا ومتعبا.
اخرج من مدرسة لاخرى مصدومة من هول الارقام التي ترن في اذني، هل حقا سأدفع 1750 دينارا غير شاملة المواصلات لاستطيع الحاق طفلي بالمرحلة التمهيدية قبل الصف الاول الاساسي في هذه المدرسة أو تلك وانا الموظفة في مؤسسة خاصة لا يتجاوز دخلي 500 دينار.
واين البديل؟
المدارس الحكومية،أعان الله معلميها على حجم الاكتظاظ في الغرفة الصفية الواحدة، وعدم توفر البيئة والمرافق المناسبة للطالب وغير ذلك كثير.
رحلة طويلة بين المدارس،وأسعار فلكية لا تقدر عليها الطبقة «الوسطى».
وتقول ام زيد :«في كل يوم ازور ثلاث او اربع مدارس، اقساط خيالية تبدأ من 1000 دينار، اذا ما بحثت عن مدرسة تصنف من الفئة الجيدة لا الممتازة».
ويقول محمد السرحان :«رسوم ابني 1200 دينار بواقع 150 دينارا شهريا، وايجار بيتي 230 دينارا، وراتبي 300 دينار، مما يعني ان التزاماتي اعلى من دخلي».
عينة من الشارع الأردني، تعرفت عليها،أثناء بحثي عن مدرسة خاصة، تراوحت نظرتها بين التذمر من ارتفاع رسوم التعليم الخاص والمطالبة بتحسين بيئة المدارس الحكومية الذي لا تخضع لسلطة المال.
فقد أصبحت رسوم المدارس الخاصة تشكل هاجسا سنويا للأولياء الأمور لارتفاع تكاليفها التي تفوق إمكاناتهم المادية مما أجبرهم على الاقتراض من البنوك لسداد قيمة الرسوم المدرسية المرتفعة لأبنائهم مما جعل الأسر تدخل في مشكلات اقتصادية محفوفة بكثير من المخاطر المادية والاجتماعية.
بالاضافة الى ان بعض المدارس تتقاضى رسوما اضافية تحت مسميات مختلفة منها انشطة ورحلات وكتب اضافية مما يجعل الاهل مضطرين للدفع حيث اصبحت تلك المطالبات بابا اخر للكسب والربح
ففي الاردن توجد جملة من العوامل التي تدعم امكانية فرض اقساط باهظة وغير عادلة من قبل المدارس الخاصة وهي تراجع التعليم في المدارس الحكومية خلال السنوات الماضية الى حد لم تعد معه هذه المدارس منافسا او بديلا لمدارس القطاع الخاص.
يقول ع.ط (معلم في مدرسة حكومية) رفض ذكر اسمه:«ان السبب الاساسي لضعف اداء المدارس الحكومية الاكتظاظ في عدد الطلاب 58 طالبا في احد الصفوف الثانوية، ولا فرصة لفتح شعبتين بسبب عدم توفر كادر من المعلمين، بالتزامن مع ارتفاع مستوى البطالة، هذه الاعداد جاءت نتيجة الانتقال من المدارس الخاصة، بالاضافة الى ان انضمام الطلاب السوريين الى المدارس الحكومية عمل على فتح فترة مسائية لهم، مما جعل بعض المعلمين يدرسون في الفترتين الامر الذي جعل اداء المعلم يقل.
وفي تصريح صحفي سابق لوزير التربية والتعليم وليد المعاني اشار الى ان الرسوم المدرسية وفق نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية المعمول به حاليا في الوزارة ينص ان الزيادة على الرسوم المدرسية يجب ان لا تتجاوز نسبة التضخم بذلك العام.
وقال مدير ادارة التعليم الخاص سامي المحاسيس:» بعد صدور تعديل نظام تأسيس وترخيص المدارس الخاصة والاجنبية بتاريخ 2018/9/16 تم ربط عملية زيادة الرسوم بمعدل التضخم للسنة السابقة الذي بلغ 4.46% للعام 2018 حسب دائرة الاحصاءات العامة.
وبين ان الوزارة تربط ارتفاع الرسوم بمعدل التضخم، وقد ورد للوزارة 21 طلبا من مدارس ترغب في زيادة رسومها للعام 2020/2019، وتم تحليل مبررات هذه المدارس فكانت اغلبها حول تجديد اسطول الباصات في المدرسة، ولتحديث شبكة الانترنت وزيادة رواتب العاملين فيها، ولانشاء ملاعب او مختبرات.
وأشار الى وجود لجنة في الوزارة لدراسة كل طلب على حدة برئاسة مدير مديرية التعليم الخاص ومدير التشريعات التربوية ومدير الحسابات في الوزارة.
ولفت المحاسيس الى ضرورة احياء مشروع تصنيف المدارس الخاصة، مشيرا الى ان احد اسباب تأخرها جاء نتيجة تعاقب الوزراء، مؤكدا ان المدارس الحكومية لا تقل عن المدارس الخاصة من حيث مستوى التعليم، وان الاوضاع الاقتصادية السبب الذي يدعو اولياء الامور الى نقل ابنائهم من المدارس الخاصة الى الحكومية.
وقالت مديرة احدى المدارس الخاصة :«ان الزيادة السنوية التي تقوم المدرسة باضافتها الى الاقساط المدرسية مسموح بها وفق نظام ادارة التعليم الخاص، وان التكلفة الكبيرة التي تتحملها المدارس الخاصة في البناء واستخدام مختلف المستلزمات التي تساهم في تقدم العملية التعليمية يزيد من الاعباء عليها، معتبرة ان الرسوم ليست باهظة بل في حدها المقبول.
وبين الخبير الاقتصادي الدكتور سامر الرجوب ان التعليم الخاص عانى من فوضى في الرسوم وزيادات غير مبررة على الرسوم الدراسية واية مبالغ مالية تضاف عليها.
واشار الى انه في العادة لا يوجد اساس محدد او مبرر لزيادة المبالغ التي تترتب على اهالي الطلبة ولا يوجد معيار مدروس يعزز تلك الزيادات.
وقال الرجوب :«ان بعض مدارس القطاع الخاص الاجنبية والتي لديها فروع في دول مختلفة تقوم برفع الرسوم والتكاليف الاضافية على الطلبة كلما قرر المركز الرئيسي لها ذلك من دون مراعاة لفروق الدخل بين تلك الدول التي تعمل بها وبذلك لا تتحقق العدالة في قيمة الرسوم الاجمالية على الطلبة».
وأضاف :«ومع صدور مشروع نظام معدل لنظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والاجنبية لعام 2018 فقد اضيفت بعض المواد التي تحد وتقيد تلك المؤسسات التعليمية من الاستمرار في مزاجية التسعير السابقة فعلى سبيل المثال فقد تم ربط الزيادات السنوية بمعدل التضخم وبموافقة وزير التربية والتعليم الامر الذي يمكن ان يضبط تلك الزيادات».
ولفت الى ضرورة تعديل تلك المادة من النظام لتسمح بتخفيض او زيادة الرسوم وبالتناسب مع معدلات التضخم او الانكماش لضمان قدر اكبر من تحقيق العدالة في التعامل مع جميع الاطراف ؛ فتكون المؤسسة ملزمة بتخفيض الرسوم مثلما اعطيت لها الحرية امكانية زيادة الرسوم اعتمادا على معدلات التضخم.
وأكد الرجوب ان هناك امورا اخرى تتجاوزها غالبية مؤسسات التعليم الخاص وهي عدم الافصاح عن اية تغييرات تطرأ على الرسوم الدراسية والبدلات الاضافية وبدل الخدمات وغيرها لاهالي الطلبة بالرغم من ان نظام تأسيس وترخيص تلك المؤسسات يلزمهم بذلك، وعليه لا بد من تشديد الرقابة على هذا القطاع وتخصيص منصات تواصل الكترونية يستطيع من خلالها الطلبة واهاليهم التواصل مع الوزارة بشكل مباشر، وعلى الوزارة ان تقوم بتوزيع استبيانات على الطلبة واهاليهم (ويفضل من خلال المنصة) تستطيع من خلالها الوزارة الاطلاع على مدى التزام مؤسسات التعليم الخاص بالتعليمات التي تضعها الوزارة بهذا الخصوص.فرح العلان