العلاقات الأردنية الإسرائيلية المتوترة .. إلى أين؟

عمان1:قال منتدون إنه "لن تكون هناك مفاجآت جوهرية في الانتخابات الإسرائيلية، فاليمين المتطرف، بزعامة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يحكم قبضته على مفاتيح تشكيل وإدارة الحكم”، متوقعين "أن يستمر التوتر بين الأردن وإسرائيل خلال الفترة المقبلة، كما أن وتيرة التصعيد سترتفع باتجاهين وخصوصًا فيما يخص القضايا الديموغرافية والمقدسات.

جاء ذلك خلال ندوة متخصصة لقراءة خريطة الانتخابات الاسرائيلية، عقدت في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أول من أمس، تحدث فيها بشكل رئيس أستاذ الدراسات العربية والدولية والإقليمية في جامعة بير زيت غسان الخطيب، وأستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية والدراسات بالجامعة الأردنية الدكتور حسن البراري.

رئيس المركز الدكتور موسى شتيوي تحدث بشكل مقتضب حول المشهد الانتخابي الإسرائيلي، حيث يشارك في هذه الانتخابات 47 قائمة وحزبا بنسبة حسم 3,25 بالمائة، موضحاً أن معسكري اليمين والمعارضة يخوضان واحدة من أشرس المعارك الانتخابية في إسرائيل.

وقال إن نتنياهو يرمي بكل ثقله في هذه الانتخابات المبكرة التي قرر قادة الائتلاف الحاكم بالإجماع العام الماضي حل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) وإجراءها تحت وطأة مناقشة مشروع قانون تجنيد الحريديم في حينه.

يُشار إلى أن نتنياهو يقود يمينا متطرفا، مدفوعا بقوة يهود الشرق ومن خلفه "الحريديم”، يتقدمه خطاب انتخابي يتحدث عن فرصة تاريخية مهمة لحسم الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فيما تبنى هذا المعسكر شعار "اليمين في خطر”.

في حين يرى معسكر المعارضة أو ذوو العيون الزرقاء من يهود أوروبا أن المعركة باتت في عمق المجتمع الإسرائيلي الذي يواجه تغيرات جوهرية نتيجة الانجراف خلف الشعبوية والأصولية التي يدفع بها اليمين، قائلا إن على الإسرائيليين الدفع نحو إسقاط نتنياهو الذي يهدد بنية وتركيب المجتمع.

وقال المنتدون إن استطلاعات الرأي، خلال الفترة السابقة، رصدت توازن القوى بين المتنافسين، فيما خلص آخر استطلاع إلى تساو من حيث المقاعد بين اليمين وازرق وأبيض بمعدل 28 مقعدا لكل منهم، ولكن من حيث الوزن الكتلي يبقى تحالف الجنرالات تحت قيادة (بيني غانتس) أقل قدرة على الوصول للكتلة الستينية التي تتيح لهم المجال لتشكيل الحكومة.

وذكر ذلك الاستطلاع "أن نتنياهو حاز على 48 بالمائة في سؤال من هو الرئيس الأفضل، فيما حاز غانتس على تأييد 36 بالمائة”.

وأضاف المنتدون أنه، وفق الاستطلاعات، فالسيناريوهات المقدرة للحكومة الإسرائيلية محدودة حتى وان كسب اليسار الانتخابات، وبحسب النسبية وثقل الكتلة ستؤول الأمور لتكتل اليمين لتشكيل الحكومة.

وتابعوا هنا يطرح السيناريوهات التالية: اليمين ومن خلفه "الحريديم”، يشكلون اكثر من 66 بالمائة، وعليه تكتمل أضلاع الحكومة المتطرفة القائمة على اليمين المتطرف والاصوليين والخطاب الشعبوي المكتمل الأركان، أو السيناريو الآخر حكومة ائتلاف وطني بين اليمين واليسار، ولكل من السيناريوهات أفق وأبعاد وتصورات.

وأوضح المنتدون أن نتنياهو استفاد من مجموعة روافع ضاعفت من أسهمه الانتخابية، من أهمها ما عُرف بهدية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي جاءت في خضم العملية الانتخابية ولا يمكن تفسيرها الا كدعم انتخابي، وتمثلت بصك الاعتراف بضم الجولان، تبع ذلك هدية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي اعاد رفاة الجندي زخاريبوميل، وهو من مفقودي معركة السلطان يعقوب في الحرب على لبنان العام 1982، إلى جانب "التطبيع المجاني” الذي حصل عليه نتنياهو في رحلته الإقليمية، فيما وفر التوتر والاشتباك مع حركة "حماس” دعم مجاني لتوحد الإسرائيليين خلف نتنياهو في هذه المرحلة.
عرب الداخل

وبخصوص عرب الداخل، قال المنتدون التقديرات تشير إلى "تراجع” المشاركة العربية في هذه الانتخابات، حيث يشكل العرب 20 بالمائة من مجموع الناخبين، عازين ذلك إلى "حالة الإحباط التي يشعر بها الناخب العربي من التجربة السابقة بعد وصول 13 عضوًا عن القوائم العربية، وفشل هذه المجموعة من توحيد نفسها لتحقيق مصلحة موحدة”.

وأضافوا "أن الخمول الانتخابي العربي يعزز بقاء نسبة الحسم ضمن الحد المنخفض الذي يسمح لأحزاب يمينية متطرفة واصولية باستغلال الفرصة والوصول إلى حد العتبة واجتياز هذه الانتخابات، فكلما قل زخم التصويت نزل حد الحسم معها”.

المشهد الفلسطيني

وقال المنتدون إن إسرائيل تصعد هذه الأيام من عمليات ابتلاع فلسطين التاريخية تمهيدًا لعملية هضم بطيء للضفة بالكامل، مضيفين "أن من مصلحة إسرائيل استمرار الوضع الراهن بلا أي صفقات أو اتفاقيات، حيث يتم تنفيذ كل ما يراد من قبل إسرائيل دون أي التزام أو رادع. لذا فمن مصلحة إسرائيل استمرار الوضع كما هو عليه”.

وتابعوا إلى "أن نتنياهو أقنع الجميع بعدم وجود شريك فلسطيني لعملية السلام، في الوقت الذي تعاني فيه السلطة الفلسطينية من خطر وجودي، فاقمه استمرار حالة الانقسام الداخلي بلا أي أفق للحل، إضافة إلى خروج الولايات المتحدة الأميركية من مسار الوساطة المعتدلة والانحياز المطلق للجانب الإسرائيلي”، موضحين أن ذلك "رافقه تراجع مطرد بعلاقة السلطة مع الدول العربية وفشل بمتابعة الملف الدولي وتحديدًا متابعة التواصل مع الأوروبيين، فهذه الورقة تحديدًا تزعج إسرائيل إن تم تفعيلها”.

وبين المنتدون أن ملف العمل الفلسطيني لمواجهة المرحلة يجب ان يخضع لاستراتيجية تقوم على ثلاثة محاور، الأول: يتمثل بالبعد الداخلي والعمل على مواجهة حالة الانقسام التي لم يعد خافيًا مدى التورط الإقليمي فيها، أما المحور الثاني: يتمثل بخطة عمل فلسطينية عربية هدفها اعادة بناء وترسيم العلاقة الفلسطينية العربية عبر مجالين الأول تخفيف حدة اللغة التخوينية الممارسة ضد الأنظمة العربية من قبل منصات إعلامية فلسطينية، والمجال الثاني يتمثل بإعادة تدوير مفهوم مواجهة التمدد والتعنت الإسرائيلي بسياق العلاقة التعاونية بين الفلسطينيين وأشقائهم العرب، وحاجة كل طرف للآخر، بحيث يصبح وقف التطبيع الإقليمي مصلحة ذاتية لكل دولة وليست عملية دعم للشعب الفلسطيني”.

في حين يركز المحور الثالث والأخير على البعد الدولي، حيث المعركة السياسية الحقيقية المبنية على الحجج السياسية وتسخير شبكة العلاقات لإعادة القضية الفلسطينية إلى حجمها الحقيقي، ويجب منح العلاقات الأوروبية النصيب الأكبر في هذا الملف الهام، فالسياسة الأميركية الحالية والسياسة الإسرائيلية معزولة، وعلينا العمل على تعزيز عزلتهما”.

المشهد الإقليمي

وقال المنتدون "لا وجود لمفاجآت جوهرية في الانتخابات الإسرائيلية، فاليمين المتطرف بزعامة نتنياهو يحكم قبضته على مفاتيح تشكيل وإدارة الحكم”، متوقعين أن يستمر التوتر بين الأردن وإسرائيل خلال الفترة المقبلة، وسترتفع وتيرة التصعيد باتجاهين وخصوصًا فيما يخص القضايا الديموغرافية والمقدسات.

وبشأن التطبيع الإقليمي الإسرائيلي والالتفاف الحاصل عبر حكومة نتنياهو، قال المنتدون إنه "لا افق لهذا المسار في هذه المرحلة، نظرًا للتزاحم المتزايد على زعامة المنطقة والعالم الإسلامي، والذي من شروطه الشعبوية عدم الإغراق في علاقات تطبيعية مع إسرائيل”، مؤكدين أن بناء على ذلك فإن "التطبيع الإقليمي سيبقى في إطار الهوامش”.

وأشاروا إلى أن الاختلاط العربي المتزايد مع إسرائيل يعطي ثقافة متجددة بأن البناء مع هكذا حكومات إسرائيلية متطرفة مستحيل، مشددين على "أن الدعم الأمني الإسرائيلي في مواجهة إيران هو عبء في هذه المواجهة”

زر الذهاب إلى الأعلى