المشيشي: تونس تتجه نحو انهيار اقتصادي واجتماعي
عمان1:قال رئيس الحكومة التونسية الأسبق هشام المشيشي، إن تونس تتجه نحو الانهيار الاقتصادي والاجتماعي في ظل غياب أي حلول حقيقية للأزمات المتراكمة، داعيا إلى توافق وطني واسع بين القوى السياسية المؤمنة بالديمقراطية والحرية لمواجهة ما وصفه بـ"العبث السياسي" والإعداد لمرحلة ما بعد الرئيس قيس سعيّد.
وحذر المشيشي من أن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد "منهارة بالكامل"، مشيرا إلى ارتفاع الأسعار، وتفاقم البطالة، وغياب المعالجات للأزمات البيئية، مقابل غياب مؤسسات قادرة على إدارة الدولة أو تقديم حلول عملية لمشاكل وصفها بـ"المركبة والمعقدة".
وأضاف أن استمرار الوضع الحالي دون توافق سياسي واسع سيقود البلاد إلى "ما لا تحمد عقباه"، معتبرا أن تونس إما بلغت حافة الانهيار أو دخلته فعلا، في ظل حكم فردي لا يعترف بالتعددية ولا بوجود مؤسسات فاعلة.
إجهاض التجربة الديمقراطية
وفي حديثه عن المسار السياسي، قال المشيشي، إن التجربة الديمقراطية التي انطلقت بعد ثورة 2011 تم "إجهاضها" في 25 يوليو/تموز 2021، معتبرا أن ما جرى في ذلك التاريخ كان "انقلابا مكتمل الأركان" أعاد تونس إلى ما قبل فكرة الدولة، وأطاح بالمكتسبات السياسية والدستورية والقانونية التي تحققت بعد الثورة.
وأوضح أن خروجه من رئاسة الحكومة لم يكن طوعيا ولا نتيجة ترتيب سياسي، بل جاء عقب استخدام الرئيس قيس سعيد "الوسائل الصلبة"، بما في ذلك نشر الدبابات أمام البرلمان ومقر رئاسة الحكومة والمؤسسات السيادية، وإغلاق المؤسسات السياسية، مؤكدا أنه تعرّض للاحتجاز داخل قصر قرطاج ثم وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله قرابة 4 أشهر.
إجراءات غير دستورية
وكشف هشام المشيشي أنه واجه الرئيس سعيد مباشرة خلال اجتماع في قصر قرطاج، واعتبر الإجراءات التي كان يعتزم اتخاذها "خارجة على الدستور"، مؤكدا أن الدستور لا يمنح رئيس الجمهورية صلاحية حل البرلمان أو تعطيل عمل الحكومة أو استخدام القوة العسكرية لإغلاق المؤسسات. ولفت إلى أن رد سعيد كان "متشنجا وغاضبا"، تخللته عبارات عن "الدماء والمؤامرات".
وقال رئيس الحكومة الأسبق إنه تلقى خلال فترة الإقامة الجبرية استدعاءات أمنية في قضايا وصفها بأنها "مفبركة" ولا أساس لها، معتبرا أن الهدف كان إعداد ملفات قضائية لتصفية الخصوم السياسيين.
وأضاف أنه رغم رفع الإقامة الجبرية لاحقا والسماح له بالسفر، إلا أنه واجه ملاحقات قضائية وأحكاما قاسية تصل إلى عشرات السنين في قضايا تتعلق بـ"التآمر على أمن الدولة".
محاكمات فلكلورية
وانتقد المشيشي بشدة المحاكمات التي تطال سياسيين ومعارضين، ووصفها بأنها "فلكلورية" ولا تستند إلى وقائع أو أسس قانونية، معتبرا أنها تهدف إلى إقصاء الشخصيات السياسية ذات الوزن وإفراغ الساحة من أي معارضة محتملة.
وفي رده على الانتقادات التي طالت مسيرته، أكد رئيس الحكومة الأسبق أنه لم يدّع يوما أنه كان مناضلا أو من رموز الثورة، وأكد أنه "ابن الدولة" وعمل لأكثر من 25 عاما في مؤسساتها، ونفى أن تكون له علاقة تنظيمية أو سياسية بحركة النهضة، موضحا أنه عمل مع مختلف مكونات الطيف السياسي في إطار ما أفرزته الانتخابات.
كما انتقد بشدة طريقة إدارة الرئيس سعيد للشأن العام، وقال إنه "لا يستمع إلا إلى نفسه"، ولا يؤمن بالحوار أو بالتنسيق السياسي، ولا يعترف بوجود أجسام وسيطة بين السلطة والمجتمع، محذرا من أن هذا النهج يشكل خطرا مباشرا على مؤسسات الدولة.
قضايا تآمر المعارضين
وفي اختتام حديثه، عبّر المشيشي عن أسفه للوضع الذي وصلت إليه البلاد، وأشار إلى أن معظم الطبقة السياسية، بمختلف توجهاتها، إما في السجون وإما في المنافي، في مشهد وصفه بـ"غير الطبيعي".
وتساءل عن جدوى عشرات قضايا "التآمر" المرفوعة على معارضين، ومشيرا إلى العدد غير المسبوق من النساء السياسيات والناشطات الحقوقيات اللواتي سُجنّ في الفترة الأخيرة.
وأكد أن التونسيين الذين ثاروا من أجل الحرية والكرامة يواجهون اليوم واقعا مغايرا لتطلعاتهم، داعيا إلى اصطفاف وطني شامل لإنقاذ البلاد واستعادة المسار الديمقراطي.