بخطاب عربي.. ممداني يتحدى ترامب ويقترب من حكم نيويورك
عمان1:فاجأ المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك، زهران ممداني، الناخبين العرب بمقطع فيديو ترويجي طريف لحملته الانتخابية، ظهر فيه وهو يتحدث بالعربية موجهًا رسالة مباشرة إلى الجالية العربية في المدينة.
وخاطب المرشح الأوفر حظا سكان المدينة العرب باللغة العربية، متحديا موجة التحريض التي يقودها ضده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والجمهوريون.
وقال ممداني في مطلع الفيديو مبتسمًا: “أنا اسمي زهران ممداني، وعم أرشّح نفسي لأكون العمدة الجديد لمدينة نيويورك. أعلم ما قد تفكرون به، ربما أبدو كأنني صهركم من الشام، لكن العربي عندي يحتاج إلى بعض التدريب”، في إشارة مازحة إلى لكنته العربية.
وخلال جولته في أحد متاجر البقالة، تناول ممداني قضية ارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة قائلًا إن “الحياة في نيويورك أصبحت مكلفة للجميع، وأصبح من الصعب العيش فيها وتربية الأطفال”.
وفي لقطة لاقت تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل، ظهر ممداني وهو يداعب قطة نائمة فوق صناديق البقالة قائلًا: “أزيّك يا باشا، كل شيء تمام؟”، ما أضفى على الفيديو طابعًا إنسانيًا ومرحًا.
ووعد ممداني، في حال فوزه، بتطبيق حزمة من السياسات الاجتماعية الواسعة، تشمل تجميد الإيجارات لأكثر من مليوني شخص، وتوفير نقل عام مجاني وسريع، وتقديم رعاية شاملة للأطفال لجميع الأسر، إضافةً إلى دعم المشاريع الصغيرة لضمان استقرار اقتصادي مستدام في المدينة.
وختم الفيديو برسالة ودّية قال فيها: “أنا منكم وإليكم… سنراكم قريبًا”، داعيًا مؤيديه إلى التصويت المبكر الذي بدأ السبت الماضي ويستمر حتى يوم الانتخابات الثلاثاء المقبل.
ويُعدّ ممداني من أبرز وجوه التيار الديمقراطي الاشتراكي داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي، وقد ركّزت حملته على أزمة السكن وغلاء الأسعار في نيويورك، حيث يعاني نحو ربع سكانها من صعوبة تغطية احتياجاتهم الأساسية من السكن والطعام.
ويبلغ متوسط الإيجار في المدينة أكثر من 4000 دولار شهريًا، أي ضعف المعدل الوطني، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 8.9% خلال العام الماضي.
ويطرح ممداني خطة لبناء 200 ألف وحدة سكنية جديدة، وإنشاء شبكة متاجر بلدية للبقالة لتخفيف الأعباء عن الأسر محدودة الدخل.
ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ممداني بأنه “شيوعي”، في إشارة إلى ميوله اليسارية، إلا أن المرشح الديمقراطي يتقدم حاليًا بأكثر من عشر نقاط على منافسه الأبرز، الحاكم السابق لولاية نيويورك أندرو كومو، الذي يخوض الانتخابات كمستقل بعد خسارته المفاجئة في الانتخابات التمهيدية أمام ممداني.
تزوج زهران ممداني خلال العام الجاري (2025) من الفنانة السورية راما دوجي، المعروفة برسوماتها التي تعبّر عن دعمها للقضية الفلسطينية، وتُظهر حسًّا إنسانيًا واضحًا في تناولها للمعاناة في قطاع غزة. وتشترك دوجي مع زوجها في مواقف مناصرة للعدالة الاجتماعية وحقوق الشعوب، إذ كثيرًا ما تنشر أعمالًا فنية تندد بالعنف وتدعو للحرية والمساواة.
ولد ممداني لأب هندي وأم أوغندية، وعُرف بانتمائه إلى التيار الاشتراكي الديمقراطي. قبل دخوله المعترك السياسي، عمل مستشارًا سكنيًا لأصحاب الدخل المنخفض في نيويورك، ما عزز اهتمامه بقضايا الفقر والسكن. وفي حملته الانتخابية، وعد بتطبيق سياسات تقدمية تشمل تجميد الإيجارات، وتوفير المواصلات العامة مجانًا، وفرض ضرائب أعلى على أصحاب الدخول المرتفعة.
كما يُعرف ممداني بمواقفه الصريحة ضد إسرائيل، إذ دعا منذ أيام الجامعة إلى مقاطعة مؤسساتها الأكاديمية والثقافية، ورفض التوقيع على قرار رسمي يعترف بذكرى تأسيسها. كما طالب باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند زيارته نيويورك، مؤكدًا أن المدينة يجب أن تكون “منسجمة مع القانون الدولي”.
ولا يخفي ممداني ولا أفراد عائلته تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني، إذ صرّحت والدته في وقت سابق بأنها رفضت حضور مهرجان في حيفا “حتى تسقط الأسوار”، بينما تؤكد زوجته راما من خلال فنّها البصري أن فلسطين حاضرة في الوعي الإنساني والفني على حدّ سواء.
وأثار مقطع الفيديو الذي تحدّث فيه ممداني بالعربية موجة من التفاعل بين أبناء الجالية العربية، الذين رأوا فيه بادرة احترام وثقة من سياسي أمريكي يسعى إلى التواصل بلغتهم الأم. واعتبر ناشطون أن استخدامه للعربية، ولو بلكنة متكسّرة، أضفى عليه طابعًا قريبًا من الناس، وعزز صورته كشخص متواضع وغير تقليدي.
أما في الإعلام الأمريكي، فقد تناولت عدة منصات الفيديو بوصفه خطوة “غير مسبوقة” في الحملات الانتخابية المحلية، تعكس تزايد الثقل السياسي والثقافي للعرب في نيويورك. ورأى محللون أن ممداني يحاول إعادة تعريف العلاقة بين السياسيين والمجتمعات المهاجرة، عبر خطاب يقوم على المساواة والاحترام المتبادل، لا على مجرد كسب الأصوات.
وبين الطرافة والجدية، بدا أن زهران ممداني نجح في لفت الأنظار إلى قضيته الأساسية: أن السياسة في نيويورك يمكن أن تكون قريبة من الناس… حتى لو نُطقت بلكنة عربية لطيفة.