نساء غزة يحولن العدس إلى كباب والمرارة إلى حلويات

عمان1:في ظل الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على قطاع غزة منذ نحو مئة يوم، أظهرت نساء غزة قدراً لافتاً من الإبداع، بابتكارهن عشرات الأطباق البديلة لمواجهة أزمة الجوع التي أثقلت كاهل السكان.
هذه الابتكارات لاقت انتشاراً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتميزت ببساطتها واعتمادها على الحد الأدنى من المكونات المتوفرة في الأسواق المحاصرة.

كباب العدس.. مذاق بديل في غياب اللحوم

منذ قرابة المئة يوم، حُرم سكان غزة من تناول اللحوم، وحتى خلال عيد الأضحى غابت مظاهر العيد التقليدية التي ترتبط بإعداد أطباق اللحوم. إلا أن هذا الواقع كان دافعاً لكثير من السيدات للبحث عن بدائل، في محاولة لصنع لحظات فرح لأسرهن.
في خيمة بمواصي خان يونس، ابتكرت السيدة صفاء العزازي،  طبقاً جديداً أطلقت عليه اسم "كباب العدس"، محاولة بذلك رسم بسمة على وجوه أطفالها.
تشرح العزازي طريقتها في التحضير بقولها: "أقوم بطحن العدس وهرسه مع البصل –إن وُجد– وأضيف إليه البطاطا والبقدونس والفلفل الأخضر، مع القليل من توابل اللحوم، ثم أشكله على أسياخ وأشويه على الفحم أو أي مصدر متاح للطاقة".
وتضيف بأسى: "هو ليس كباباً بالمعنى المعروف، ولا يشبه طعم اللحم، لكننا نحاول فقط أن نصنع شيئاً يمنح أطفالنا القليل من الفرح".

"مقلوبة كذابة".. طقوس مستمرة رغم غياب المكونات

قريباً من موقع السيدة كان هناك صوت أهازيج وزغاريد، ليتبيّن وجود احتفال صغير أقامه عدد من الأطفال بمناسبة إعداد "المقلوبة"، أحد الأطباق التقليدية الشهيرة في غزة.
تقول السيدة ريم بارود: "اعتدنا إعداد المقلوبة بلحم أو دجاج، لكن اليوم نكتفي بالخضار ونسميها 'المقلوبة الكذابة'".
تشرح بارود طريقتها: "نستخدم ما يتوفر من خضروات مثل الباذنجان، البطاطا، الزهرة، أو الجزر، نقطعها ونقليها أو نشويها، ثم نضعها في قاع الطنجرة مع الأرز ونتركها حتى تنضج، ليأتي بعدها أجمل لحظة: قلب الطنجرة".

حلويات بلا سكر.. ابتكار في غياب الأساسيات

مع الانقطاع التام للسكر من الأسواق، اضطرت محال الحلويات إلى إغلاق أبوابها. فسعر كيلو السكر –إن وجد– وصل إلى نحو 250 شيكلاً (70 دولاراً)، مقارنةً بسعره الطبيعي البالغ دولاراً واحداً فقط.
لكن النقص الشديد لم يُثنِ الغزّيات عن ابتكار الحلول؛ ففي مخيم الزوايدة وسط القطاع، التقى فريق "قدس برس" بالسيدة أم محمد، التي بدأت مشروعاً منزلياً صغيراً لإعداد وبيع "كرات الكيكة" بدون سكر.
تقول أم محمد: "عادةً يتطلب الكيك البيض والسكر، لكن كلاهما غير متوفر، لذا لجأت إلى استخدام أكياس المكملات الغذائية التي توزعها 'يونيسيف' للأطفال، والتي تحتوي على نسبة من السكر".
وتوضح طريقتها: "أخلط مكملات التغذية مع النشا والكاكاو حتى تتجانس، ثم أخبزها في الفرن لبضع دقائق، ونقدمها كبديل للحلوى الغائبة عن غزة".
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 آذار/مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة بدعم أميركي وأوروبي، في عدوان وصفته منظمات حقوقية بـ"الإبادة الجماعية". وأسفر العدوان حتى الآن عن أكثر من 181 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود.

زر الذهاب إلى الأعلى