أول زيارة منذ 60 عامًا: الشرع يزور أمريكا سبتمبر المقبل

عمان1:أفادت مصادر بأن الرئيس السوري أحمد الشرع سيقوم بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر سبتمبر المقبل.

زيارة تاريخية
وأوضحت المصادر أن الزيارة المرتقبة تتضمن إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي المرة الأولى التي يلقي فيها رئيس سوري كلمة على هذا المنبر منذ نحو 60 عاماً.
وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الشهر الماضي، رفع العقوبات المشددة المفروضة على سوريا، معتبرًا أن ذلك يمنح البلاد فرصة للعودة إلى العظمة.
وتشكل زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع المرتقبة إلى واشنطن في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، حدثًا تاريخيًا بامتياز؛ لكونها المرة الأولى التي يلقي فيها رئيس سوري خطابًا في نيويورك منذ ستين عامًا. وتأتي هذه الزيارة في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا، واللقاء التاريخي الذي جمع بين الرئيسين في الرياض بوساطة سعودية.
هذا التطور يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، ويثير تساؤلات حول تداعياتها على المستويين: الإقليمي والدولي.
تحمل زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن أبعادًا سياسية عميقة، أولها رمزية إلقاء خطاب في الأمم المتحدة بعد انقطاع دام ستين عامًا، ما يعكس عودة سوريا إلى المشهد الدولي كلاعب معترف به

الجذور التاريخية للعلاقات السورية- الأميركية
تمتد جذور العلاقات السورية- الأميركية إلى بدايات تشكُّل الدولة السورية الحديثة، وقد بدأت رسميًا مع تعيين أول مفوض سوري في واشنطن في 30 يناير/ كانون الثاني عام 1945. شهدت هذه العلاقات تقلبات عديدة على مدار عقود، تراوحت بين التوتر والقطيعة في معظم الأحيان، مع فترات قصيرة من التطبيع.
كان للولايات المتحدة دور مؤثر في تحديد مصير سوريا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، وأيدت مطالبة السوريين بخروج القوات البريطانية والفرنسية من أراضيهم. لكن العلاقات تدهورت بعد ذلك؛ بسبب مواقف متباينة حول قضايا إقليمية، أبرزها الصراع العربي- الإسرائيلي والحرب الباردة.

سياق الزيارة الحالية
تأتي زيارة الشرع في سياق تحولات إقليمية ودولية مهمة، أبرزها التغيرات السياسية في سوريا والمنطقة. فقد لعبت الوساطة السعودية دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين دمشق وواشنطن، وتُوِّج ذلك بلقاء الرياض التاريخي الذي جمع الرئيس الشرع بالرئيس ترامب، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
كما أن تصريحات الرئيس السوري حول إجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل، بهدف إنهاء الهجمات الإسرائيلية على سوريا، شكلت عاملًا مهمًا في تغيير الموقف الأميركي. وقد سبق ذلك زيارات لأعضاء في الكونغرس الأميركي إلى دمشق، حيث التقوا بالرئيس الشرع، ونقلوا رسائل متبادلة بين القيادتين.

الأبعاد السياسية للزيارة
تحمل زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن أبعادًا سياسية عميقة، أولها رمزية إلقاء خطاب في الأمم المتحدة بعد انقطاع دام ستين عامًا، ما يعكس عودة سوريا إلى المشهد الدولي كلاعب معترف به. كما تعكس تحولًا في موقف الإدارة الأميركية التي بدأت بالفعل برفع العقوبات عن سوريا.
من المتوقع أن تتناول المباحثات خلال الزيارة ملفات حيوية، أبرزها إعادة إعمار سوريا بعد سنوات من الحرب، وقضية اللاجئين السوريين وسبل عودتهم، بالإضافة إلى الملفات الإقليمية المشتركة، خاصة مكافحة الإرهاب والاستقرار في المنطقة.
تشير التحليلات إلى أن الرئيس ترامب يسعى لإطلاق عملية سلام شاملة في المنطقة، تكون سوريا جزءًا رئيسًا منها، وهو ما يمثل تحولًا إستراتيجيًا في السياسة الأميركية تجاه المنطقة.
على المستوى الإقليمي، قد تؤدي هذه الزيارة إلى تغييرات جوهرية في خارطة التحالفات، وإعادة صياغة العلاقات بين دول المنطقة على أسس جديدة تراعي المصالح المشتركة وتحديات المرحلة القادمة

الأبعاد الدبلوماسية والإقليمية
على الصعيد الإقليمي، تعزز هذه الزيارة من مكانة سوريا ودورها المحوري في المنطقة، خاصة بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية. وتطرح تساؤلات حول انعكاسات التقارب السوري- الأميركي على العلاقات مع حلفاء سوريا التقليديين، خاصة إيران وروسيا.
كما تعكس الزيارة تحولًا في المواقف العربية تجاه سوريا، حيث تقود السعودية جهودًا لإعادة دمشق إلى الحضن العربي، وتعزيز دورها في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة. وقد أظهرت الدول العربية ترحيبًا بهذا التقارب، معتبرة أنه يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
يرى محللون أن هذا التحول في العلاقات السورية- الأميركية قد يؤدي إلى إعادة توازن القوى في المنطقة، ويفتح الباب أمام حلول سياسية للأزمات المتعددة، خاصة في ظل التنافس الدولي المحتدم على النفوذ في الشرق الأوسط.

التداعيات المستقبلية المحتملة
تفتح زيارة الشرع إلى واشنطن آفاقًا واسعة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة بعد رفع العقوبات الأميركية. ويُتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تدفقًا للاستثمارات الأميركية في مشاريع إعادة الإعمار، وعودة الشركات الأميركية للعمل في السوق السورية.
على المستوى الدبلوماسي، قد تشهد العلاقات تطورًا متسارعًا، بدءًا من تبادل السفراء وصولًا إلى تعاون إستراتيجي في قضايا المنطقة. كما يمكن أن تسهم هذه الزيارة في تسريع الحل السياسي للأزمة السورية، وتعزيز الاستقرار في البلاد.
إن تداعيات زيارة الشرع ستتجاوز العلاقات الثنائية لتشمل مستقبل المنطقة بأسرها، في ظل تحديات غير مسبوقة تواجه الشرق الأوسط
أما على المستوى الإقليمي، فقد تؤدي هذه الزيارة إلى تغييرات جوهرية في خارطة التحالفات، وإعادة صياغة العلاقات بين دول المنطقة على أسس جديدة تراعي المصالح المشتركة وتحديات المرحلة القادمة.
ختامًا: تمثل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن منعطفًا تاريخيًا في مسار العلاقات السورية- الأميركية، وتفتح صفحة جديدة بعد عقود من التوتر والقطيعة. وبغض النظر عن نتائجها المباشرة، فإنها تعكس تحولًا إستراتيجيًا في سياسة البلدين، وتضع سوريا أمام مفترق طرق حاسم.
إن نجاح هذه الزيارة مرهون بقدرة الطرفين على تجاوز إرث الماضي، وبناء علاقات متوازنة تراعي مصالح الشعبين وتسهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
كما أن تداعياتها ستتجاوز العلاقات الثنائية لتشمل مستقبل المنطقة بأسرها، في ظل تحديات غير مسبوقة تواجه الشرق الأوسط.
تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى استدامة هذا التقارب، وقدرته على تحقيق تغيير حقيقي في واقع المنطقة المضطرب. لكن المؤكد أن خطاب الرئيس الشرع في الأمم المتحدة سيكون محطة فارقة في تاريخ سوريا الحديث، وفرصة لإعادة تموضعها على الساحة الدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى