الاحتلال يهندِس المجاعة لتهجير الفلسطينيين .. الخبز مقابل النزوح

عمان1:لم يعد الموت في غزة خيارا بين القصف أو القنص، فالجوع بات سلاحا لا يقل فتكا، وتحوّل القطاع المحاصر منذ 600 يوم إلى مقبرة جماعية لأهله، حيث تتساقط الأرواح بين جائع لم يجد رغيف خبز، ومريض لم تسعفه حبة دواء.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تستخدم إسرائيل سلاح التجويع ضد أكثر من مليوني فلسطيني بعد أن أغلقت المعابر، وقصفت مخازن الغذاء، وأتلفت الأراضي الزراعية، لتنهار المنظومة الغذائية تدريجيّا مع نفاد الوقود وتعطّل المخابز.
وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، توفي 58 فلسطينيا جوعا حتى الآن بينهم 53 طفلا، في حين يواجه أكثر من 3500 طفل دون سن الخامسة خطر المجاعة، ويقف 290 ألف طفل على حافة الهاوية، أما نقص الدواء، فقد حصد حياة 242 طفلا، وسط حصار خانق لا يستثني الغذاء أو العلاج أو حتى الأمل.
ودخلت المجاعة فعليّا إلى شمالي قطاع غزة منذ نهاية فبراير/شباط 2024، وبلغت ذروتها حينما نقضت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي، ومنعت دخول الطحين والدواء تماما لمدة ثلاثة أشهر، واستمرت في منع إدخال الوقود عمدا.
وفي مشهد غير مسبوق، ظهرت "تكايا الطعام" في غزة، وهي ظاهرة لم تعرفها المدينة يوما، حيث يصطف السكان في طوابير طويلة للحصول على وجبة تسد الرمق، في حين يضطر آخرون إلى أكل أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار للبقاء أحياء.
ويحذّر مختصون من أن الاحتلال يتبع سياسة "هندسة التجويع الممنهج" عبر استحداث نقاط توزيع مساعدات في محوري نتساريم وموراغ، لدفع السكان نحو الجنوب تحت وطأة القصف والجوع ضمن مخطط تهجير قسري يطال مناطق شمالي قطاع غزة بشكل خاص.
ولم تعد المجاعة في قطاع غزة تهديدا، بل واقعا يوميًّا ينهش أجساد الأطفال ويقضم إنسانية العالم بصمت مريع.
وأثارت مشاهد مصورة من نقطة توزيع مساعدات خاصة بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية المدعومة من إسرائيل، موجة غضب واسعة على منصات التواصل الرقمية.
وجاءت هذه الصور عقب إعلان المؤسسة المدعومة أميركيا وإسرائيليا عن بدء توزيع مساعدات إنسانية في قطاع غزة، حيث شهدت النقطة الواقعة جنوبي القطاع تدفق آلاف الفلسطينيين دفعة واحدة، مما أدى إلى حالة من الفوضى العارمة.
وأطلق أفراد الأمن التابعون للشركة الأميركية في نقطة المساعدة النار في الهواء لتفريق آلاف الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون منذ ساعات للحصول على طرد غذائي.
واضطر آلاف الفلسطينيين، الذين قدموا إلى المنطقة طلبا للمساعدة بعد تجاوز كيلومترات، إلى مغادرة المنطقة خاليي الوفاض وفي حالة من الذعر.
وتُظهر صورة انتشرت على مواقع التواصل آلاف الفلسطينيين وهم ينتظرون خلف أسوار وأسلاك شائكة داخل أقسام مغلقة.
من جانبها، قالت سنا سعيد "مرتزق أميركي جزء من مؤسسة إغاثة غزة يدير عملية جمع الفلسطينيين الجائعين في معسكر اعتقال من أجل توزيع الطعام عليهم".
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني إلى المجاعة بإغلاقها معابر قطاع غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي في وجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء.
وانتقد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني -في مؤتمر صحفي عقده في طوكيو- نظام توزيع المساعدات في قطاع غزة والمدعوم أميركيا، واعتبره هدرا للموارد وإلهاء عن الفظائع.
وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت نحو 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

زر الذهاب إلى الأعلى