حكومة آيلة للرحيل
عمان1: كتب محمد الصبيحي: لم تستهلك هذه الحكومة رصيدها الشعبي كاملا وانما بدأت بالسحب من الحساب المكشوف وبالتعبير العامي ( ذنبها على جنبها ) ولكن الاهم والاخطر أنها بدأت بالسحب من الرصيد الشعبي للنظام الملكي , وبعبارة أوضح فقد بدأت هذه الحكومة بالسحب من رصيد القصر.
رصيد القصر الشعبي هو الرصيد الاستراتيجي للشعب الاردني وللنظام السياسي , وحين تبدأ حكومة بالسحب من الرصيد الاستراتيجي للشعب والقصر ينبغي أن ترحل على جناح السرعة ولن أستعمل التعبير الشعبي ( على جناح القلعة ) ’ ذلك أن رصيد النظام الملكي الشعبي هو العمود الفقري للتلاحم الوطني واستقرار الاردن , وهو الرصيد الحيوي لأمن البلد ووحدة الشعب وتماسك نسيجه الاجتماعي .
وبصراحة أكثر فان استهتار الحكومة بالمزاج الشعبي وتذرعها بأنها تفعل ما هو خير للمستقبل والادعاء بأن الاردنيين سيعرفون يوما قيمة هذه الحكومة وأهمية قراراتها , والادعاء بأنها أنقذت الدينار من الهبوط ’ كلها ادعاءات أسقطت الحكومة أهميتها بأصرارها على مناكفة الشعب في قضايا جانبية وعدم تقدير أهمية المزاج العام في تقبل وإنجاح القرارات , ولعل قضية التوقيت الشتوي التي يصر رئيس الحكومة على معاندة الناس والنقابات والمعلمين على رفضها دون أن يفسر لنا لماذا العناد , والفذلكة في تغيير موعد عطلة رأس السنة الهجرية من الثلاثاء الى الخميس ليتسنى للأغنياء حجز الفنادق في العقبة والبحر الميت , كل ذلك ورغم هامشية تلك القضايا إلا أنها استفزت الشعب بمجمله .
وكم كان مدهشا ومروعا أن يسأل مقدم برنامج ( نبض البلد ) السيد طاهر المصري عما اذا كان قد تحدث لرئيس الحكومة عن رفع الاسعار فقال المصري أنه تحدث مع النسور في الموضوع فأجابه بنكته وهي أنك أيضا ترفع جلسات الاعيان !! وهذه ليست خفة دم وانما تعبير عن مستوى الحوار بين رؤساء سلطات , وتعبير عن استهتار بآلام الناس وعدم تقدير دقيق للوضع والغليان الكامن ضد الحكومة في الاوساط الشعبية , وقد كان المصري دقيقا حين قال أن الحراك السياسي خفت وأصبح الحراك الان معاشيا , وليس سرا أن نقول أن الحراك المعاشي بركان خامد وقد يثور بفعل زلازل النسور .
ولعل أكبر المفارقات والتناقضات في سجل هذه الحكومة أنها بوجهين وجه ديمقراطي مفتعل يظهرها واسعة الصدر منمقة الكلمات تقف مع الحريات والحوار , ووجه في الخفاء يترجم الى أفعال تكمم الاعلام وتكيد للإعلاميين وتمنع على الصحف الرسمية المملوكة للحكومة نشر أي نقد ومعارضة للحكومة وسياساتها , وتوجه الى إحالة الاعلاميين الى القضاء لمجرد أنتقاد رئيس الوزراء .
وتدعي أنها ستطلق حوارا وطنيا غير رسمي في الوقت الذي ترفض فيه محاورة الشعب حول جدوى استمرار التوقيت الصيفي , فمن الذي سيقبل الان الجلوس للحوار مع حكومة فقدت شعبيتها ؟؟ ومن الذي سيغامر بخسارة موقعه بركوب سفينة غارقة ؟؟ .
لم يعد هناك أي فرصة للحوار بين الحكومة وبين أحزاب الوسط وقوى المجتمع المدني غير المعارضة ناهيك عن أحزاب المعارضة السياسية التي تكاد تعتبر الحوار مع هذه الحكومة جريمة سياسية
وآخر المتحدثين باسم الحكومة كان وزير الاعلام في حديث للتلفزيون الاردني حين قال أنه يتحدى أن يكون هناك أي فساد على هذه الحكومة منذ وصلت الى الدوار الرابع !! لقد سمعت حديثه وكدت أنقلب من الضحك لأني سأتحدى أن يكون السيد الوزير يعرف شيئا عن الفساد وقد اتصلت بمكتبه مرتين دون أي جواب لأقول له دعك من التحدي وستخسر حتما وسنتحدث في فساد حكومي فاضح في الوقت المناسب .
أعتقد أن وقت الرحيل قد حان وأن هذه الحكومة آيلة للسقوط قريبا وقريبا جداً.نقلا عن خبرني