إدمان الألعاب الإلكترونية .. يصيب الصغار والكبار على حد سواء

عمان 1 : يلجأ العديد من الاشخاص صغارا كانوا أم كبارا الى قضاء ساعات طويلة يستخدمون الإنترنت اما للبحث عن الألعاب او امور اخرى بشكلٍ يفوق ما يحدّده الإنسان لنفسه، فيما إدمان الإنترنت يدخل ضمن نطاق الإدمان بشكل عام، وهو اعتياد شخص على أمرٍ معين واستخدامه لفترات طويلة دون القدرة على التخلص منه أو تركه، ويقتضي على إثر هذا الإدمان إهمال الحياة الشخصية والمهام اليومية، فيما الفئات الأكثر عرضة لإدمان الإنترنت الأطفال والمراهقون، الذكور أكثر من الإناث، الانطوائيون، المصابون بالاكتئاب، أو الوحدة أو الملل.
ويعد الإنترنت متطلباً أساسيا لغالبية فئات المجتمع، خصوصاً لطلاب العلم منهم والعاملين بوظائفهم المختلفة، وإن غياب الإنترنت من شأنه إحداث عرقلة ملحوظة في الزمن والإنتاج والفاعلية، فيما يفضل استشارة الطبيب عند الشعور بوجود أعراض إدمان الإنترنت، فالتحدث إلى الطبيب يعد من الطرق التي قد تساعد الشخص في الحصول على علاج، كما كانت أصدرت منظمة الصحة العالمية حكمها على تأثيرات ألعاب الفيديو على صحة الأطفال، مصنفةً الإدمان عليها كـ»اضطراب عقلي»، وعرفت المنظمة الإدمان على ألعاب الفيديو «أن يلعبها الأطفال لدرجة أن تكون لها الأسبقية على باقي اهتمامات الحياة الأخرى»، وأدرجت المنظمة تصنيفاً جديداً تحت بند «الاضطرابات العقلية أو السلوكية أو النمائية العصبية»، ومن المعلوم أن قرارات المنظمة معترف بها مرجعاً عالمياً يستند عليها كل مقدمي خدمات الرعاية الصحية في العالم، ولم تميز المنظمة بين لعبة أو أخرى، وسواء كان الوصول إلى اللعبة عبر الإنترنت أو من دونه.
يعاقب نفسه
بدورها الدكتورة هند البريزات الباحثة في علم الاجتماع علقت على الامر بالقول، هذا النوع من الادمان لا يعاقب عليه الإنسان بالحبس وإنما يعاقب نفسه بنفسه بعزل نفسه عن المجتمع لوقت معين متاثراً ومتعلقاً بألعاب تُخلف أضراراً شديدة الخطورة على الأفراد والمجتمع على حد سواء تتجسد بحالة مقلقة من التعلق الشديد بالألعاب الالكترونية محتلة ومسيطرة على تفكير واهتمام الأفراد، فيما ان مصطلح الإدمان بحد ذاته ذو دلالة سلبية ومزعجة ترتبط بانطباع سيئ يؤخذ عن الشخص المدمن، وكذلك الأمر ينطبق على الادمان على الألعاب الالكترونية والتي كظاهرة تتمثل في الحالة السلوكية والنفسية للأفراد الذين لا يستطيعون فيها التخلي أو التوقف عن اللعب بمعنى انهم في اعتياد كامل ومستمر لممارسة الألعاب الإلكترونية عبر استخدام وسائل وسيطة؛ ما يؤثر على نشاطهم الطبيعي، فيكون لعب الألعاب الإلكترونية على حساب أرواحهم وصحتهم وعائلاتهم وأعمالهم.
وتتساءل البريزات ما الحل؟ أن نعيد للحياة الطبيعية قيمتها وأن تتخذ اجراءات حازمة حاسمة خاصة مع أولئك المدمنين على الألعاب الإلكترونية؛ فالادمان جريمة والجريمة يعاقب عليها، ولكن هنا لا بد من معالجة الأسباب بدلاً من انزال العقاب؛ لأن المتورطين من فئات عمرية وشرائح مختلفة لا يمكن حصرها بقلة قليلة يسيطر عليهم وعلى الوقت الذي يمضونه باللعب هوس الألعاب الإلكترونية، وإن العمل واللجوء الى الأنشطة البدينة والتثقيف والتوعية ووجود اتصال فعال بين الأفراد أمور مجتمعة لا بد من تفعيلها لكي نستعيض عن ادمان الألعاب الإلكترونية بأمور أكثر فعالية وفائدة للأفراد والمجتمع تسهم في التقدم والتطور والربح لا في التراجع والتأخر والخسارة.
تملأ فراغهم
وتقول البريزات فلما يدمن الأفراد الألعاب الإلكترونية! ببساطة لأنها تملأ فراغهم وتمدهم بسيل من المشاعر مثل، القوة والسيطرة واعطاء الأوامر واللعب ضمن مجموعات و التفوق واثبات الذات وتحقيق ما لم يمكن تحقيقه أو نيله على أرض الواقع، ليس هذا فقط، أيضا التجديد والتنوع الكبير في أنواع ومراحل الألعاب الالكترونية التي تعكف الشركات المنتجة عليه لتحقيق أهدافها، اضافة الى الرغبة بالهروب من الواقع أو المسئولية فيلجأ البعض الى مواصلة لعب الألعاب الالكترونية لساعات، اضافة الى ضعف العلاقات الأسرية وعدم فاعلية التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، كما أنه لم يعد هناك انضباط وانصياع للأهل من قبل الأطفال مثل السابق، وأصبحت الألعاب الإلكترونية وسيلة تسلية والهاء للأطفال من قبل الوالدين أحيانا، حتى أن بعض الأطفال أصبحوا يساومون والديهم إما بالسماح لهم بلعب الألعاب الإلكتروينة أو يقومون بتصرفات مزعجة.
ولفت البريزات لكن الأطفال ليسوا وحدهم من يدمن الألعاب الالكترونية، والكبار أيضاً، وهذه أحد الأسباب التي تحفز الصغار بالسير على خطى الكبار، فالألعاب الإلكترونية أصبحت ظاهرة مألوفة في كل مكان وزمان، انعكاساتها محزنة ومخيفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أب يتأخر على عمله ومنزله وأبنائه لانه لا يستطيع انهاء لعبة وإلا خسر، طفل لا يعير الاهتمام لدروسه ويفضل الألعاب الإلكترونية على كتابه ومستقبله، وفتاة لا تكترث للآخرين من حولها؛ لأنها مرتبطة في مرحلة مهمة من اللعبة، هؤلاء خسروا أنفسهم وخسروا الآخرين وخسروا عمراً لا يمكن تعويضه.
وخلصت البريزات بالقول من الجوانب الأخرى للخسائر فإنها تتمثل في تأثر الصحة وبروز مشكلات صحية وعقلية لدى مدمني الألعاب الإلكترونية، كما أنها تكسب الأفراد سلوكيات ومفردات لا تشبهم، علاوة على ذلك فإنها تساهم في تشكيل وعيهم وشخصياتهم وهذا أمر لا بد من أخذه بعين الاعتبار واعادة النظر بأساليب التنشئة والانضباط. يؤثر ادمان الألعاب الالكترونية أيضا على العلاقات الاجتماعية التي نجد أنها بدأت تضعف تدريجيا وتحولت الى علاقات الكترونية بشكل عام؛ فالمهارات اللغوية وتلك المتعلقة بالتكنولوجيا والمهارات الحياتية المكتسبة من الألعاب الالكترونية لا تغني عن حياة طبيعية يعيشها الأفراد.