رصاصة طائشة على منزلي.. من يعلق الجرس؟!

عمان1:صرخات ابنتي دانا ذات الستة أعوام ما تزال عالقة في أذني، عندما شاهدت بأم عينيها جسماً غريباً يسقط بجانبها، وبعد التأكد فوجئنا بأنها رصاصة لسلاح أوتوماتيكي؛ مقذوفة طائشة تم إطلاقها من مكان بالجوار، لكن مُطلقها لم يضع في حساباته، أنها ربما تصيب إنساناً بريئاً في مقتل، وهو في عقر داره.

جرائم غير مقصودة يرتكبها هواة إطلاق العيارات النارية ابتهاجاً بحفل زفاف أو لنجاح إبن أو قريب، لكنها تؤدي إلى مأساة حين يُصاب طفل هنا أو إمرأة هناك بطلقة طائشة رغم التحذيرات والعقوبات، إذ ما تزال ثقافة إطلاق الأعيرة النارية ابتهاجاً لفرح ما، متوارثة وتُمارس جهاراً نهاراً دون أي رادع حقيقي.

الأمن العام الذي يراقب هذا السلوك غير الحضاري، ما يزال يرسل برسائله التوعوية للأردنيين، بأن التعبير عن الفرح لا يكون على حساب الأبرياء، وهي بحسب بيان الأمن العام من الظواهر الخطيرة التي ساهمت في تحويل حفلات الأفراح إلى أتراح، والمناسبات إلى مآتم.

فعلاوة على أن إطلاق العيارات النارية من المحرمات التي تؤدي إلى القتل، فإنها مصدر من مصادر الإزعاج التي يحاسب عليها القانون، وهو مرتبط بحالة الفرح التي تزداد في فصل الصيف؛ حيث العطلة الصيفية التي تُكثر فيها حفلات الزفاف والخطوبة، وكذلك نتائج الثانوية العامة، وتخريج طلاب الجامعات وكليات المجتمع.

ينظر الكثير من المهتمين بتعديل السلوك، الى أن إطلاق العيارات النارية لغايات التعبير عن مظاهر الفرح، لم يعُد مرتبطاً بالثقافة أو الموروث الإجتماعي وحسب، وإنما خلل في أنماط السلوك عند الأفراد، فمنه تعبير عن حالة الفرح، أو للتباهي، أو للتحدي رغم وجود المحاذير والعقوبات؛ كما يعتبرها البعض الآخر ظاهرة مؤرقة تتسبب بالكثير من الخسائر البشرية والمعنوية، ولها إنعكاسات سلبية على مجتمعنا الأردني.

الباحث في الشؤون الإجتماعية محمد أبو جمعة يصف العملية بالخطيرة على المجتمع، ليس فقط لأنها تؤدي إلى وفيات وخسائر مادية ونفسية، بل لأنها عادة مترسخة ومن الصعب الحدّ منها حتى بوجود العقوبات؛ مشيراً إلى أن الكثير ممن يمارسون هذه العادة لا يعيرون بالاً للعواقب في اللحظة التي يطلقون فيها الرصاص، لأن العملية مرتبطة بالشهامة والرجولة والكرم والواجب.

وتأتي القرارات الرسمية لمنع إطلاق العيارات النارية وفقاً للامن العام، للحفاظ على الأرواح البريئة من المواطنين الموجودين في هذه المناسبات، وعدم تكريس ظاهرة تثير الرعب والخوف في نفس الأطفال والنساء والمواطنين بشكل عام، مساعدة الأجهزة الأمنية في سرعة التجاوب مع القضايا التي تطلق فيها العيارات النارية.

دائرة الإفتاء أصدرت العديد من الفتاوى التي لا تجيز إطلاق العيارات النارية، لأنها منافية للشرع وفيها تخويف وترويع وأذى للمسلمين، مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لايحل لمسلم ان يروع مسلما) رواه أبو داوود؛ وقوله عليه السلام:(لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار) رواه مسلم.

التربوي موسى الصرايرة الذي وجد رصاصة في فناء منزله، يرى بانها ظاهرة ليس فقط سيئة، وإنما تشكل خطراً كبيراً على حياة الأفراد، ولا بد من تفعيل قانون الردع لكل من يتجاوز القانون؛ مشيراً إلى أن العديد من الأرواح البريئة أزهقت دون ذنب.

بدوره يحذر الشيخ عمر أبو زيد من التساهل مع مطلقي العيارات النارية، ويجب أن تتضاعف العقوبة وخاصة المالية، مع مصادرة الأسلحة ووضع غرامات عليها، فحياة الأفراد مصانة، وقد حرّم الله قتل النفس البريئة بغير وجه حق.

ويرى أبو زيد أن مطلق النار حتى لو لم يكن يقصد قتل فلان أو علان، هو قاتل؛ لأنه يعلم أن الرصاصة التي أطلقها حتما سترتفع ثم تعاود السقوط، وقد تأتي على رأس إنسان بريء فتقتله. هي ظاهرة خطيرة ما تزال مسكونة في عقول قتلة دون قصد!! حيدر المجالي

زر الذهاب إلى الأعلى