هل أعطت شراكة عمّان - الرباط الهاشمية أُكُلها في زيارة كوشنر؟

عمان1:أثار اختيار فريق صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر لعمان والرباط والقدس في جولته القادمة الكثير من التساؤلات، خصوصا مع استبعاد المنامة والرياض وحتى مصر من جولته التي لا تلقى ترحاباً في عمان على الأقل، الأمر الذي يعيد ملف القدس ذاتها للواجهة باعتبارها الجامعة بين العاصمتين الأردنية والمغربية في ملف كوشنر وفريقه لخطة السلام المفترضة.

وأعلن البيت الابيض أنّ مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المكلف بخطة السلام الاسرائيلية-الفلسطينية كوشنر بدأ زيارة الى المغرب والاردن سعياً لحشد الدعم لخطته التي يرتقب أن يكشف عن شقّها الاقتصادي في نهاية حزيران/ في المنامة في غياب الفلسطينيين.

 وشارك كوشنر وذراعه الايمن جايسون غرينبلات في المغرب بمأدبة إفطار أقامها على شرفه العاهل المغربي محمد السادس وولي عهده مولاي حسن ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، كما يرافق كوشنر في الوفد الممثل الاميركي الخاص لشؤون إيران في وزارة الخارجية براين هوك.

ولم يزد البيان الصحفي الصادر عن الرباط عن عبارات "بحث العلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن” والتي كوشنر بطبيعة الحال غير مخوّلٍ ببحثها، ما يؤكد ان العرض الذي قدمه كوشنر لا يزال طي الكتمان.

 ويصل كوشنر الاربعاء للعاصمة الأردنية في وقت يضغط فيه الأردنيون على حكومتهم لاتخاذ موقف ضد مؤتمر المنامة وإعلان عدم المشاركة فيه، بينما تتمهل العاصمة الأردنية في السياق في اصدار موقفها.

 والمراقب لتحرك كوشنر الأخير تحديداً يمكنه إدراك ان العامل المشترك بين الرباط وعمّان عملياً هو القدس التي اعترفت واشنطن بها عاصمة لاسرائيل في كانون الاول/ديسمبر 2017، إذ يترأس ملك المغرب محمد السادس لجنة القدس ومشاريع عبر صندوق بيت مال القدس، في حين يحمل ملك الأردن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية.

كما يجتمع الملكان في النسب للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وأسرته الهاشمية.

وجبهة عمان- الرباط فعّلها  الملك عبد الله الثاني في زيارة أجراها للرباط نهاية آذار/ مارس الماضي بعد فترة من الفتور وكان هدفها العودة للعمل على أرضية هاشمية للتذكير بأن عمان والرباط هما صاحبتا نوع من الوصاية في القدس، الامر الذي يمكن ان يكون بوابة زيارة كوشنر للبلدين بكل الأحوال، في محاولة لحشد الدعم لمؤتمر المنامة الذي لا يزال يلقى الكثير من الفتور في الأوساط العربية مع استثناء السعودية والامارات اللتان رحبتا وحدهما بالمؤتمر المزمع عقد نهاية حزيران المقبل.

 وأرسلت عمان ونظيرتها المغربية رسالة واضحة في تلك الزيارة، حيث لم يكتفِ الملك عبد الله بالتقارب على أرضية القدس، وانما تجاوز ذلك لإعلان الارتقاء بالعلاقات لمستوى الشراكة الاستراتيجية متعددة الجوانب، وهو امر حظيت به مؤخراً أيضاً تركيا من بوابة دعم الموقف الأردني في القدس أيضاً. الرسالة فُهمت كأحد أوجه استبدال الحلف مع السعودية.

وتنبهت الكثير من الدول الغربية الى الفتور الواضح الذي أصاب العلاقات الأردنية السعودية منذ وصول الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد وبدئه المزاحمة للأردنيين في ملف الوصاية على القدس تحديدا واجتماعه بوجهائها بعيد اعلان ترامب في ذلك الوقت.

 وانعكس التنبه الغربي على تقارير صحفية خلال اليومين الماضيين.

وخلال يومين حذّرت صحف غربية مرموقة من اتجاه عمان نحو طهران وتركيا وقطر في سبيل إيجاد بدائل عن الحلفاء التقليديين في الرياض، الامر الذي قد يوضح سبب ذهاب الممثل الأمريكي لطهران هوك ضمن وفد كوشنر، بالإضافة الى ان كثير منه المراقبين يرون ان التصعيد ضد ايران أساسا جزء من صفقة القرن التي تريد لها الإدارة الامريكية ان تغير شكل المنطقة.

واتجهت عمان فعلاً لأنقرة التي قال عنها الملك عبد الله بداية هذا العام في جلسة مع اعلاميين أردنيين ان علاقة الأردن معها "استراتيجية” وستتحدد على أساسها العلاقات مع الدول الأخرى، وكذلك شهدت العلاقات مع قطر دفئا واسعا خلال الأسابيع الماضية.

 ولكن بالعودة لزيارة كوشنر، فيبدو من ارتباط العاصمتين المغربية والأردنية انه له علاقة مباشرة بملف القدس وتداعياته، الامر الذي يرجح ان تعرض واشنطن عليهما اتفاقا يفصل بين المقدسات والعاصمة الإسرائيلية في القدس، وهو الامر الذي يحمل في طياته تلاعباً في حل الدولتين الأصيل الذي يفرض القدس الشرقية كعاصمة للفلسطينيين.

ولا يتوقع ان تقبل عمان حلّاً كالمذكور ان لم يتضمن دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، إلا ان متابعين للمواقف الأردنية يفترضون ان تطمينات من هذا النوع قد تمنح عمان الغطاء للمشاركة في مؤتمر المنامة ولو بتمثيل ضئيل. وهذا بطبيعة الحال يفترض ان يرضي الأمريكيين فمجرد حضور عمان سيمنح المؤتمر الشرعية المفترضة، خصوصا مع تسريبات إسرائيلية ان مصر قد أبدت استعدادها للمشاركة ولكن دون اعلان.

وحضور مصر والأردن على وجه التحديد ولو انضم المغرب سيمنح تحرك الأمريكيين في ملف القدس شرعية، كما سيسهل تصفية بقية الملفات، خصوصا ملف اللاجئين الذي يصر غرينبلات وكوشنر على تصفيته، وهو الامر الذي سيسهل على الإدارة الامريكية التحرك في ملفات المياه والحدود والمستوطنات لاحقاً حتى مع غياب السلطة الفلسطينية.

ويحذر خبراء عمان من الذهاب بهذا الاتجاه قبل إقرار الإدارة الامريكية بالشق السياسي للصفقة والذي يفترض ان يحمل حل الدولتين، بينما لا تزال عمان بلا أي موقف واضح، غير ان موقفها قد يظهر عقب استقبال كوشنر وانعقاد مؤتمر مكة نهاية الأسبوع الحالي.

ويزور كوشنر بعد عمان القدس وسيلتقي مسؤولين إسرائيليين في وقت تعيش فيه مأزق تشكيل الحكومة والذي يمكن ان يؤول لانتخابات مبكرة او حتى الإطاحة برئيس الوزراء المفضل لدى الأمريكيين بنيامين نتنياهو.

بكل الأحوال، زيارة كوشنر تحمل لعمان والرباط فرصة هامة لمناقشة ملف القدس، ولكن المشاركة بمؤتمر المنامة ستبقى تحمل تساؤلات اكبر بكثير من الوصاية الهاشمية والمقدسات وغيرها في القدس، فمؤتمر المنامة قد يصفّي ملفات الحل النهائي بمجملها اقتصاديا والاهم ان الفلسطينيين يرفضونه في راي اليوم.

زر الذهاب إلى الأعلى