غضب في سوريا بعد زيارة أدرعي إلى دروز جبل الشيخ

عمان1:أثارت زيارة غير مسبوقة للناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، العقيد أفيخاي أدرعي، إلى القرى الدرزية الواقعة على جبل الشيخ في سوريا، موجة غضب عارمة في الشارع السوري، بعد أن ظهر في مشاهد مصورة وهو يُستقبل بحفاوة من قبل عدد من شيوخ ووجهاء تلك القرى.
وبحسب ما أوردته صحيفة "معاريف" العبرية، فقد حظي أدرعي خلال الزيارة باستقبال وُصف بـ"الملوكي"، حيث تبادل الأحضان والقبلات مع شخصيات درزية بارزة، ما أثار صدمة لدى العديد من السوريين الذين عبّروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم الشديد، واعتبروا ما جرى "استفزازاً لمشاعرهم الوطنية".
وخلال الزيارة، استمع أدرعي لروايات مطوّلة من أبناء الطائفة الدرزية حول أوضاعهم، بما في ذلك معاناة سكان المنطقة نتيجة ما وصفوه بـ"ممارسات نظام الشرع"، في إشارة إلى حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع.
كما تطرقت الأحاديث إلى أحداث السويداء التي وقعت قبل نحو أسبوعين، والتي أعادت تسليط الضوء على حالة التوتر والاحتقان في الجنوب السوري. 
واعتبر المحلل العسكري لصحيفة معاريف، آفي إشكنازي، أن أدرعي "السلاح رقم واحد في إسرائيل" إعلامياً، مؤكداً أن ظهوره بهذه الصورة من داخل  سوريا يمثل اختراقاً غير مسبوق.
في سياق متصل، كشفت القناة الإسرائيلية "كان 11" أن الحكومة السورية كانت قد وجّهت دعوة رسمية للزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، لزيارة دمشق قبل اندلاع أحداث السويداء، لكن الأخير رفض الدعوة.
وبحسب القناة، عادت الحكومة الجديدة لمحاولة التواصل معه مجدداً بعد تلك الأحداث، دون أن تتلقى رداً.

ما الذي يفعله أفيخاي أدرعي لدى الدروز ؟ 
سؤال أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية وعلى منصات التواصل. البعض وصف المشهد بأنه استعراض "دعائي"، بينما اعتبره آخرون إشارة لتحول استراتيجي في العلاقة بين إسرائيل وبعض المكونات السورية، لا سيّما الدروز الذين يعانون منذ سنوات من التهميش والعنف في جنوب البلاد.
الجولة التي لم تُعلن بشكل رسمي من قبل الجيش الإسرائيلي، أثارت تساؤلات كثيرة، خاصة وأنها تأتي في وقت تتسع فيه دائرة الاشتباك العسكري في المنطقة، وتتعقّد فيه العلاقة بين المكوّنات المحلية والسلطات السورية. لكن خلف هذه المشاهد، تكمن رواية أكبر.
ومنذ تصاعد أعمال العنف ضد الدروز في السويداء وريف دمشق، بدأت إسرائيل بإظهار نوع من "الانفتاح" على هذا المكون، بدءًا من تقديم العلاج الطبي لجرحى سوريين في الجولان، مرورًا بتصريحات دعم متكررة من أدرعي نفسه، وانتهاءً بتنظيم زيارات دينية لسوريين دروز إلى داخل الأراضي المحتلة — حدث وُصف بـ"التاريخي" من قبل وسائل إعلام غربية مثل رويترز وواشنطن بوست.
والتساؤل الذي أثير هل تمهّد هذه التحركات لتعاون مستقبلي؟ أم أنها مجرد خطوات إعلامية تهدف لتلميع صورة إسرائيل في أوساط الأقلية الدرزية؟ 
ولكن لا أحد يملك إجابة قاطعة حتى الآن. لكن المؤكد أن ما حدث في هذه الجولة ــ سواء كانت حقيقية أم "مفبركة" كما يشكك البعض ــ يعكس تغيرًا عميقًا في مشهد الجنوب السوري، حيث لم تعد الحدود واضحة بين المدني والعسكري، ولا بين السياسة والمساعدات الإنسانية.
وفي الوقت الذي تلتزم فيه الجهات الرسمية بالصمت، تبقى الصورة معلّقة بين الشك والتساؤل، وتحمل معها كل تعقيدات الجغرافيا، والهوية، والتاريخ.

زر الذهاب إلى الأعلى